فذهب جمهور العلماء إلى أنَّ الزرع للغاصب، وأنَّ لصاحب الأرض قلعه قبل الحصاد، وأما بعد الحصاد فليس له إلاَّ أجرة الأرض.
وذلك لما في سنن أبي داود وغيره أنَّ النَّبيَّ -صلى الله عليه وسلم- قال:"ليس لعِرق ظالمٍ حقٌّ" وذهب الإمام أحمد وإسحاق إلى أنَّ صاحب الأرض تملك الزرع بمثل بذره وقيمة لواحقه من حرث، وسقي، ونحوهما، وله إبقاء الزرع للغاصب، بأجرة مثله إلى الحصاد.
هذا إذا أدرك الزرع قائمًا لم يحصد، وأمَّا بعد حصد الزرع، فليس له إلاَّ الأجرة.
وحديث الباب من أدلة القول الذي ذهب إليه الإمام أحمد وأتباعه.
وقال الشيخ تقي الدين: من زرع أرضًا بلا إذن شريكه، والعادة جارية بأنَّ من زرع فيها له نصيبٌ معلوم، ولربها نصيب قسم ما زرعه في نصيب شريكه كذلك.
ثم قال: لو طلب أحد الشريكين من الآخر أن يزرع معه أو يهايئه فيها فأبى، فللأول الزرع في قدر حقه بلا أجرة.
وكذلك دارٌ بينهما فيها بيتان، سكَن أحدهما بيتًا منهما، فلا يلزمه شيء.
وصوَّبه في الإنصاف، وقال: إنَّه لا يسع الناس غيره.
* فوائد:
الأولى: قال الشيخ تقي الدين: المال المغصوب إذا عمل فيه الغاصب حتى حصل منه نماء، ففيه أقوال للعلماء، هل النماء للمالك وحده أو يتصدق به، أو يكون بينهما كما يكون إذا عمل فيه بطريق المضاربة؟ كما فعل عمر لما أقرض أبو موسى ابنيه من مال الفيء فتوقف عمر، فقال له بعض الصحابة: تجعله مضاربة بينهما وبين المسلمين، لهما نصف الربح، وللمسلمين نصف الربح، فعمل عمر بذلك.
وهذا ما اعتمده الفقهاء في المضاربة، فإنَّ النماء حصل بمال هذا