للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذلك بقوله: "فأما شيء معلوم مضمون فلا بأس به".

هذا هو التوجيه الحسن المستقيم لبيان المزارعة الجائزة من المزارعة الممنوعة، وهذا هو الجمع الصحيح بين الأحاديث المتعارضة في ظاهرها بين جوازها ومنعها، والله أعلم.

* خلاف العلماء:

اختلف العلماء في حكم المزارعة:

فذهب الأئمة الثلاثة إلى عدم جوازها.

ودليلهم على ذلك أحاديث رافع بن خديج منها:

١ - "كنا نخابر على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فنهى رسول الله عن أمر كان لنا نافعًا، وطواعية رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنفع".

٢ - حديث حنظلة بن قيس، وهو حديث الباب السابق.

٣ - ما في البخاري (٢٣٤٣) ومسلم (١٥٤٧) عن ابن عمر: "ما كنَّا نرى بالمزارعة بأسًا، حتما سمعنا رافع بن خديج يقول: نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عنها".

٤ - ما جاء في صحيح البخاري (٢٣٤٠) ومسلم (١٥٦٦) عن جابر أنَّ النَّبىَّ -صلى الله عليه وسلم- قال: "من كانت له أرض فليزرعها إن لم يزرعها أخاه".

فهذه الأحاديث حجة الذين يذهبون إلى عدم جواز المزارعة، ويرون أنَّها محرَّمة باطلة، وللأئمة على التحريم دليلٌ آخر، هو أنَّهم يعتبرون المزارعة إجارة، والإجارة لابد أن تكون الأجرة فيها معلومة، وهنا العوض مجهول معدوم، فتحرم ولا تصح.

وذهب الإمام أحمد وأتباعه إلى جوازها، وأنَّها عقدٌ صحيحٌ ثابتٌ، كما ذهب إلى جوازها طوائفٌ من الصحابة، والتابعين، وأئمة الحديث، المتقدمين والمتأخرين، وكثير من الفقهاء.

<<  <  ج: ص:  >  >>