١ - جاء بشير بن سعد الأنصاري الخزرجي بابنه النعمان إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ ليُشْهِدَه على أنَّه نحله غلامًا، فقال له النبي -صلى الله عليه وسلم- "أكل ولدك نحلته غلامًا، مثل هذا الابن؟ فقال: لا، فقَال النَّبي-صلى الله عليه وسلم-: اتَّقُوا الله واعدلوا بين أولادكم, فرجع والده، وردَّ تلك النِّحلة ولم يُمْضِهَا".
٢ - وجوب العدل بين الأولاد، وتحريم تفضيل بعضهم على بعض، أو تخصيص بعضهم دون بعض.
٣ - أنَّ التخصيص أو التفضيل من الجَوْر والظلم، لا تجوز الشهادة فيه، لا تحمُّلاً ولا أداءً.
٤ - قال العلماء: يجب الإنكار على من خالف، ففضَّل بعض أولاده على بعضهم في الهبة؛ لأنَّه حيْفٌ وظلمٌ, والنبي -صلى الله عليه وسلم- أنكر على بشير.
٥ - هذا ما لم يكن التخصيص أو التفضيل لمسوغٍ شرعيٍّ يدعو إلى ذلك، فإن كان ثَمَّ مسوغ فلا بأس، كأن يكون أحد الأولاد فقيرًا، والباقون أغنياء، أو يكون ذا عاهةٍ، لا يعمل معها، أو يكون متفرِّغًا لطلب العلم، والباقون منشغلون بالدنيا، ونحو ذلك، فهذا يجوز فيه التخصيص، فقد فضَّل أبو بكر عائشة بجذاذ عشرين وسقًا، نَحلها إياها دون سائر أولاده، وفضَّل عمر ابنه عاصمًا بشيءٍ أعطاه، وفضَّل عبد الرحمن بن عوف ولد أم كلثوم، وكان هذا على علمٍ من الصحابة فلم ينكروا، فكان إجماعًا، وهم لم يفضلوهم إلاَّ لمعنًى رأوه، وإنما الذي لا يجوز التفضيل أو التخصيص به إذا كان على سبيل الأثَرة فقط.
قال الشيخ حمد بن ناصر بن معمر: إذا فضَّل بعض أولاده لمعنًى فيه، كفقرٍ أو زمانةٍ فهذه المسألة فيها خلاف، واختار الموفق الجواز، واستدل عليه بقضية عائشة مع أبيها، وقوَّى هذا القول في "الإنصاف".