للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

٨١١ - عَنْ أَنَسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: "مَرَّ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- بِتَمْرَةٍ فِي الطَّرِيقِ فَقَال: لَوْلاَ أَنِّي أَخَافُ أَنْ تَكُونَ مِنَ الصَّدَقَةِ لأَكلْتُهَا" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (١).

ــ

* ما يؤخذ من الحديث:

١ - في الحديث الدلالة على أنَّ قليل المال الساقط يملك بمجرد وجوده والتقاطه، ولا يجب تعريفه إن لم يُعْلم صاحبه، فإن عُلِم صاحبه وهو باقٍ رده إليه، وإن لم يكن باقيًا، فلا يلزم رد بدله.

٢ - وفيه تواضع النبي -صلى الله عليه وسلم-، فهو مع جلالة قدره، وعلو مقامه، لا يترفع عن أن يجد قليلاً حقيرًا فيأخذه ويأكله؛ لأنَّه من نِعم الله تعالى.

٣ - الزكاة محرَّمة على النبي -صلى الله عليه وسلم-، وعلى آله من بني هاشم، كما جاء في صحيح مسلم أنَّ النَّبيَّ -صلى الله عليه وسلم- قال: "إنَّ الصدقة لا تنبغي لآل محمَّد، إنما هي أوساخ الناس".

٤ - وفيه ورع النبي -صلى الله عليه وسلم- فالتمرة مباحة له -صلى الله عليه وسلم-؛ لأنَّها من حيث الملك لقطة يسيرة، ومن حيث الصدقة لم تتحقق، ولكن ورعه كفَّه عمَّا فيه شبهة، وإن قلَّت.

قال بعضهم: الورع مجتمع في قوله -صلى الله عليه وسلم-: "منْ حُسْنِ إِسلام المرء تركه ما لا يعْنِيهِ"

فالحديث يعم الكلام، والنظر، والاجتماع، والبطش، والمشي، وسائر الحركات الباطنة والظاهرة، فهذه الحكمة النبوية الشافية في الورع كافية.

قال الإِمام الخطابي: كل ما شككت فيه فالورع اجتنابه.


(١) البخاري (٢٤٣١)، مسلم (١٠٧١).

<<  <  ج: ص:  >  >>