إلى أنَّ دعاة القول بتحديد النسل، أو منع الحمل فئة تهدف بدعوتها إلا الكيد للمسلمين؛ لتقليل عددهم بصفة عامة، وللأمة العربية المسلمة، والشعوب المستضعفة بصفة خاصة، حتى تكون لهم القدرة على استعمار البلاد واستعباد أهلها، والتمتع بثروات البلاد الإِسلامية، وحيث إنَّ في الأخذ بذلك ضرباً من أعمال الجاهلية وسوء ظن بالله تعالى، وإضعافًا للكيان الإِسلامي المتكون من كثرة اللَّبنَات البشرية، وترابطها.
لذلك كله فإنَّ مجلس المجمع الفقهي الإِسلامي يقرر بالإجماع أنَّه لا يجوز تحديد النسل مطلقاً, ولا يجوز منع الحمل إذا كان القصد من ذلك خشية الإملاق؛ لأنَّ الله تعالى هو الرزاق ذو القوَّة المتين، وما من دابة في الأرض إلاَّ على الله رزقها، أو كان ذلك لأسباب أخرى غير معتبرة شرعًا.
أما تعاطي أسباب منع الحمل، أو تأخيره في حالاتٍ قهريةٍ؛ لضررٍ محقَّقٍ، ككون المرأة لا تلد ولادةً عاديةً، وتضطر معها إلى إجراء عملية جراحية؛ لإخراج الجنين، فإنَّه لا مانع من ذلك شرعًا، وهكذا إذا كان تأخيره لأسبابٍ أخرى شرعيَّةٍ أو صحيَّةٍ، يُقرِّرها طبيبٌ مسلمٌ ثقةٌ، بل قد يتعيَّن منع الحمل في حالة ثبوت الضرر المحقَّق على أمه، إذا كان يخشى على حياتها منه بتقرير ممن يوثق به من الأطباء المسلمين.
أما الدعوة إلى تحديد النسل، أو منع الحمل بصفة عامة، فلا تجوز شرعًا؛ للأسباب المتقدم ذكرها، وأشد من ذلك في الإثم إلزام الشعوب بذلك، وفرضه عليها، في الوقت الذي تُنفق فيه الأموال الضخمة على سباق التسلح العالمي للسيطرة والتدمير، بدلاً من إنفاقه في التنمية الاقتصادية والتعمير.