أن كون التحليل قطعيًّا؛ لكونه منصوصًا عليه في الكتاب العزيز، فذلك، وإن كان قطعي المتن، فليس بقطعي الدلالة لأمرين:
أحدهما: أنه يمكن حمله على الاستمتاع بالنكاح الصحيح.
الثاني: أنَّه عموم، وهو ظني الدلالة.
على أنَّه قد روى الترمذي عن ابن عباس أنَّه قال: "إنَّما كانت المتعة حتى نزل قوله تعالى: {إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ}[المؤمنون: ٦].
قال ابن عباس: فكل فرج سواهما حرام، وهذا يدل على أنَّ التحريم بالقرآن، فيكون ما هو قطعي المتن ناسخًا لما هو قطعي المتن.
وإن كان التحليل قطعيًّا لكونه قد وقع الإجماع من الجميع عليه في أول الأمر، فيقال: قد وقع الإجماع أيضًا على التحريم في الجملة من الجميع، وإنَّما الخلاف في التأبيد: هل رُفِعَ أم لا؟
وكون هذا التأبيد ظنيًّا، لا يستلزم ظنية التحريم، الذي رفع النسخ به، فالحاصل أنَّ الناسخ للتحليل المجمَع عليه هو التحريم المجمع عليه، المقيَّد بقيد ظني، وهو التأبيد؛ فالناسخ قطعي، فهذا على التسليم أنَّ ناسخ القطعي لا يكون إلاَّ قطعيًّا، كما قرَّره جمهور أهل الأصول.