للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسح، إذ لا يُجْمَع بين البدلِ والمبدَلِ منه، في محلٍّ واحدٍ.

وذهب الإمام أبو حنيفة: إلى أنَّه لا يجوز المسح عليه إذا كان الخرق قدر ثلاثة أصابع فأكثر.

وذهب الإمام مالك: إلى أنَّه لا يمسح عليه إذا أكثر وفحش، ويحدِّد فحشَهُ العرف.

وذهب شيخ الإسلام ابن تيمية: إلى جواز المسح على الخُفِّ المخروق، مادام اسمُ الخفِّ باقيًا عليه، وهو مذهبُ الثوري وإسحاق وابن المنذر والأوزاعي.

وقال شيخ الإسلام: إنَّ هذا القول أصح، وهو قياس أصول أحمد ونصوصه في العفو عن يسير ستر العورة، وعن يسير النجاسة ونحو ذلك؛ فإنَّ السنَّة وردت بالمسح على الخفين مطلقًا، وقد استفاضت الأخبار عن النَّبي -صلى الله عليه وسلم- في الصحيح: "أنَّه مسح على الخفين"، وتلقَّى الصحابة عنه ذلك، فأطلقوا القول بجواز المسح على الخفين، ومعلومٌ أنَّ الخفاف عادةً لا يخلو كثيرٌ منها من فَتْق أو خَرْق، وكان كثير من الصحابة فُقَراءَ لم يكنْ يمكنهم تجديدُ ذلك.

ومن تدبَّر الشريعةَ، وأعطى القياس حقَّه، علم أنَّ الرخصة في هذا الباب واسعة، وأنَّ ذلك من محاسن الشريعة، ومن الحنيفية السمحة، والأدلَّة على رفع الحرج عن هذه الأمَّة بَلَغَتْ مبلغ القطع، ومقصدُ الشَّارع من مشروعية الرخصة الرفقُ في تحمُّل المشاقِّ، فالأخذُ بها مطلقًا موافقة للعقيدة.

أمَّا لو زال اسم الخفِّ منه، وزال معناه والفائدة منه: فهذا لا يصح المسح عليه.

***

<<  <  ج: ص:  >  >>