أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (٢١)} [الروم] هذه الرابطة الكريمة بين الزوجين عُنِيَ بها الإِسلام عنايةً فائقةً، من المعاشرة بالمعروف، ومن الأمر بالصبر والاحتمال.
فإذا طرأ عليها ما غير جوَّها، فإنَّ الإِسلام أرشد إلى تصفية الجو، باتخاذ أمورٍ يتدرج فيها المصلح، حتى ينتهي إلى النتيجة:
أولًا: الوعظ والإرشاد، فبعض النساء يُؤثِّر فيهنَّ هذا اللون من التأديب؛ قال تعالى:{وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ}[النساء: ٣٤].
ثانيًا: الإعراض عنها في الفراش، وهَجرها، وقد يُنتج هذا النوع من العلاج نتائج طيبة، فالهَجر في المضجع علاجٌ نفسيٌّ بالغ، يفوِّت عليها السرور والمتعة التي هي عندها من أصعب الأمور، قال تعالى:{وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ}[النساء: ٣٤].
ثالثًا: الضرب غير المُبرِّح؛ قال تعالى:{وَاضْرِبُوهُنَّ}[النساء: ٣٤] والضرب دواءٌ لا يلجأ إليه إلاَّ عند الضرورة، والحالات الصعبة.
رابعًا: إذا تعذَّر نجاح هذه الوسائل، وأصرَّت على نشوزها وترفعها وسوء عشرتها، فإنَّ الحاجة تدعو إلى دَرْءِ الصدع بحَكَمٍ من أهله وحَكَمٍ من أهلها {إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا}[النساء: ٣٥].
خامسًا: إذا لم يحصل الجمع بين الزوجين، وتعذَّر التوفيق بينهما، فالمذهب: أنَّ الزوج لا يُجبر على الفراق.
والقول الثاني: أنَّه يُجبر على خلعها، أو فسخها، أو طلاقها، بعوضٍ أو بدونه، وممَّن اختار هذا القول شيخ الإِسلام، وابن القيم، وابن مفلح، ونقله عن بعض قضاة الحنابلة، والشيخ محمَّد بن إبراهيم آل الشيخ يوجِّه قضاة المملكة العربية السعودية إلى الأخذ به عند الحاجة، لقصة ثابت بن قيس، ولحديث:"لا ضرر، ولا ضرار".