القَسْم بين زوجاته ليس واجبًا عليه، قال تعالى:{تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ}[الأحزاب: ٥١].
فقد أخرج ابن سعد، عن محمَّد بن كعب القرظي قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- موسَّعًا عليه في قَسْم أزواجه، يقسم بينهن كيف يشاء؛ وذلك قوله تعالى:{ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ}[الأحزاب: ٥١] إذا علمن أنَّ ذلك عليه -صلى الله عليه وسلم-.
قال ابن الجوزي: القسم غير واجب عليه -صلى الله عليه وسلم-.
وقال الشيخ تقي الدين: أبيح له ترك القَسم.
وقال ابن كثير عند تفسير قوله تعالى:{تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ}[الأحزاب: ١٥] أي: من أزواجك لا حرج عليك أن تترك القَسم لهن، فتُقدِّم من شئت، وتؤخر من شئت، وتجامع من شئت، وتترك من شئت، هكذا يروى عن ابن عباس، ومجاهد، والحسن، وقتادة، وأبي رزين، وعبد الرحمن بن زيد، وغيرهم.
ومع هذا كان -صلى الله عليه وسلم- يقسم لهن، ولهذا ذهب طائفة من فقهاء الشافعية وغيرهم: إلى أنَّه لم يكن القسم واجبًا عليه -صلى الله عليه وسلم-، واحتجوا بهذه الآية الكريمة، واختار ابن جرير: أنَّ هذا الآية عامة في الواهبات، وفي النساء اللائي عنده أنَّه مخيَّر، إن شاء قَسَم، وإن شاء لم يقسم؛ وهذا الذي اختاره حسنٌ جيِّدٌ قويٌّ يجمع بين الأحاديث.
وقال السيوطي: اختصَّ -صلى الله عليه وسلم- بإباحة عدم القَسم لأزواجه في أحد الوجهين، وهو المختار، وصحَّحه الغزالي.
وقال الشيخ عبد الرحمن السعدي: أباح الله له ترك القسم بين زوجاته على وجه الوجوب، وأنه إن فعل ذلك فهو تبرُّع منه، ومع ذلك كان -صلى الله عليه وسلم- يجتهد في القسم بينهنَّ في كل شيء، ويقول:"اللَّهمَّ هَذا قَسْمِي فيما أملكُ، فلا تلُمْنِي فيما لا أملك".