للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأجاب هؤلاء عن أدلة الجمهور بما يأتي:

أمَّا حديث ركانة: فقد ورد في بعض ألفاظه: "أنه طلَّقها ثلاثًا"، وفي لفظ: "واحدة"، وفي لفظ: "ألبتة"؛ ولذا قال البخاري: "إنه مضطرب".

وقال الإمام أحمد: طرقه كلها ضعيفة، وقال بعضهم: في سنده مجهول، وفيه من هو ضعيف متروك.

قال شيخ الإسلام: وحديث رُكَانة ضعيف عند أئمة الحديث، ضعَّفه أحمد، والبخاري، وأبو عبيد، وابن حزم، بأن رواته ليسوا موصوفين بالعدل والضبط.

وأمَّا حديث عائشة: فالاستدلال به غير وجيه؛ إذ من المحتمل أن مرادها بالثلاث نهاية ما للمطلق من الطلقات الثلاث، وإذا وجد الاحتمال، بطل الاستدلال، وهو مجمل، يحمل على حديث ابن عباس المبين؛ كما جاء في الأصول.

وأمَّا الاستدلال بعمل الصحابة، فمَنْ أولاهم بالاقتداء والاتباع؟!

ونحن نقول: إنهم يزيدون عن مائة ألف، وكل هذا الجمع الغفير -وأولهم نبيهم -صلى الله عليه وسلم- يعدون الثلاث واحدة، حتى إذا تُوفي -صلى الله عليه وسلم- وهي على ذلك، وجاء خليفته الصديق، فاستمرت الحال على ذلك حتى تُوفي، وخَلَفَه عمر -رضي الله عنه- فمضى صدر خلافته، والأمر كما هو على عهد النبي -صلى الله عليه وسلم-، وعهد الصديق، بعد ذلك جعلت الثلاث، كعددها ثلاثًا؛ كما بيَّنَّا سببه.

فصار على أن الثلاث واحدة: جمهور الصحابة، ممَّن قضى نحبه قبل خلافة عمر، أو نزحت به الفتوحات قبل المجلس الذي عقده لبقية الصحابة المقيمين عنده في المدينة.

فعلمنا -حينئذٍ- أن الاستدلال بعمل الصحابة منقوض بما يشبه إجماعهم في عهد الصديق على خلافه.

<<  <  ج: ص:  >  >>