للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وعمل عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- حاشاه وحاشا من معه أن يعملوا عملاً يخالف ما كان على عهد النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ وإنما رأى أن الناس تعجلوا وأكثروا من إيقاع الطلاق الثلاث، وهو بدعة محرمة، فرأى أن يلزمهم بما قالوه تأديبًا وتعزيرًا على ما ارتكبوا من إثمٍ، وما أتوه من ضيق هُمْ في غنًى عنه، ويُسرٍ وسعة، وهذا العمل من عمر -رضي الله عنه- اجتهادٌ من اجتهادِ الأئمة، وهو يختلف باختلاف الأزمنة، ولا يستقر تشريعًا لازمًا لا يتغير، بل المستقر اللازم هو التشريع الأصلي لهذه المسألة.

قال شيخ الإسلام -رحمه الله-: وإن طلَّقها ثلاثًا، في طهرٍ واحدٍ، بكلمةٍ واحدةٍ، أو كلماتٍ، مثل: "أنت طالق، ثم طالق، ثم طالق"، أو يقول: "أنت طالق"، ثم يقول: "أنت طالق"، ثم يقول: "أنت طالق"، فهذا للعلماء من السلف والخلف فيه ثلاثة أقوال، سواء أكانت مدخولاً بها، أو غير مدخولٍ بها:

أحدها: أنه طلاقٌ مباحٌ لازمٌ، وهو قول الشافعي، وأحمد في الرواية القديمة عنه؛ اختارها الخرقي.

الثاني: أنه طلاقٌ محرم لازم، وهو قول مالك، وأبي حنيفة، ورواية عن أحمد؛ اختارها أكثر أصحابه، وهذا القول منقولٌ عن كثيرٍ من السلف والخلف من الصحابة والتابعين.

الثالث: أنَّه محرم، ولا يلزم منه إلاَّ طلقة واحدة، وهذا القول منقولٌ عن طائفة من السلف والخلف من الصحابة، وهو قول كثير من التابعين، ومَن بعدهم، وهو قول بعض أصحاب أبي حنيفة، ومالك، وأحمد.

وأمَّا مسألة الحلف بالطلاق: فقال -رحمه الله تعالى-: والفرق ظاهرٌ بين الطلاق والحلف به، وبين النذر والحلف بالنذر، فإذا كان الرجل يطلب من الله حاجة فقال: إن شفى الله مريضي، أو قضى ديني، أو خلَّصني من هذه الشدة، فلله عليَّ أن أتصدق بألف درهمٍ، أو أصوم شهرًا، أو أعتق رقبةً، فهذا تعليقُ

<<  <  ج: ص:  >  >>