لأنَّهم خصُّوا اللحم بالهَبْرِ دون بقيَّة أجزائها، فهم يَرَوْنَ أنَّ القلب، والكبد، والكرش، والسنام، ونحو ذلك من أجزائها، لا يتناوله النَّص.
قال في المغني: والوجه الثاني: ينقض؛ لأنَّه مِنْ جملة الجزور، وإطلاقُ اللحم في الحيوان يراد به جملته؛ لأنَّه أكثر ما فيه، وكذلك لما حرَّم الله تعالى لحم الخنزير، كان تحريمًا لجملته.
قال في المبدع: الوجه الثاني: ينقض؛ فإطلاق لفظ اللحم يتناوله.
قال الشيخ عبد الرحمن السعدي: الصحيحُ أنَّ جميع أجزاء الإبل، كالكَرِشِ، والقلب داخلٌ في حكمها ولفظها ومعناها، والتفريق بين أجزائها ليس له دليل ولا تعليل. ولا يدخل في ذلك الحليبُ، واللبن، والدهن؛ لأنَّه ليس لحمًا، ولا يشمل مسمَّاه.
٤ - لا يوجد في الشريعة الإسلامية حيوان تُبَعَّضُ الأحكامُ في أجزائه، بعضها حلال، وبعضها حرام، وإنَّما الحيوانُ: إمَّا حرامٌ كلُّه كالخنزير، وإمَّا حلالٌ كله كبهيمة الأنعام.
وهذا التبعض يوجد في شريعة اليهود؛ فهم الذين حرَّمُ الله عليهم من الحيوانِ الطاهِرَ الحلال، فأباحَ لهم البَقَرَ والغنم، وحرَّم عليهم بعض شحومها.
أما هذه الملَّة السمحة: فإنَّ الله لم يعنتها، ولم يشدِّد عليها، فالحيوان إمَّا خبيث فكله حرام، وإمَّا طيب فكله حلال.
٥ - الأصل في وجوب الوضوء من لحم الإبل: حديثان صحيحان، هما: حديث جابر بن سمرة وحديث البراء بن عازب، وكلاهما في صحيح مسلم، ولكن العلماء تلمسوا معرفة السر والحكمة، فكان أقرب ما وصَلُوا إليه هو أنَّ الإبلَ فيها قوَّةٌ شيطانية، أشار إليها النَّبي -صلى الله عليه وسلم- بقوله:"إنَّها من الجِنِّ" [رواه