أحمد (٢٠٠٣٤)] فأكلها يورث قوَّةً شيطانية تزولُ بالوضوء، والله أعلم.
ويؤيِّد ذلك: أنَ رعاة الإبل عندهم كِبْرٌ وَزَهْوٌ وترفّع، اكتسبوا هذه الطباع من طول بقائهم عندها، ومعاشرتهم لها، بخلاف أصحاب الغنم: فعليهم السكينةُ والهدوءُ ولِينُ القلب، ولعلَّ هذا هو السِّرُّ في أنَّه ما من نَبِيِّ إلاَّ وقد رعى الغنم.
٦ - قوله:"إنْ شِئْتَ" يفيد: عدم وجوب الوضوء من أكل لحم الغنم.
٧ - لدينا حديثان:
أحدهما: حديث الباب: "أتوضا من لحوم الغنم؟ قال: إنْ شئت" [رواه مسلم (٣٦٠)].
الثاني: ما رواه مسلم (٢٥٣) عن عائشة وأبي هريرة؛ أنَّ النَّبي -صلى الله عليه وسلم- قال:"توضؤوا ممَّا مسَّت النَّار".
ففي هذين الحديثين عمومٌ وخصوص، فالأوَّل عامٌّ في المطبوخ من لحم الغنم، والثاني عامٌّ في الشيء المطبوخ.
والفاصل في ذلك: ما رواه أبو داود (١٩٢)، والنسائي (١٨٥)، عن جابر قال:"آخِرُ الأمرَيْن من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تَرْكُ الوضوءِ ممَّا مسَّت النَّار".
وما جاء في البخاري (٢١٠) ومسلم (٣٥٥)"أنَّ النبَّيَّ -صلى الله عليه وسلم- أكَلَ من كتف شاة وصلى، ولم يتوضأ".
فيكون حديثُ الباب من نواسخ حديثِ الوضوء ممَّا مسَّت النَّار.
٨ - ألبانُ الإبل فيها روايتان عن الإمام أحمد في نقضها الوضوء، والرواية الرَّاجحةُ في المذهب: أنَّ الألبان لا تنقض، وهو الصحيح؛ فإنَّ النَّبي -صلى الله عليه وسلم- لم يأمر العُرَنِيِّينَ بالوضوء من ألبان الإبل، وقد أمرهم بشُرْبها، وتأخيرُ البيان عن وقت الحاجة لا يجوز، أمَّا قياسها على اللحم بجامع التغذِّي بها كاللحم: فإنَّ هذه العلَّة لم ينصَّ عليها، وإنَّما ظنَّها بعضُ العلماء ظنًّا.