ذهب الأئمة الثلاثة أبو حنيفة، ومالك، والشَّافعي، وأتباعهم: إلى عدم الوضوء من أكل لحم الجزور.
قال النووي: احتجَّ أصحابنا بأنباء ضعيفة، في مقابل هذين الحديثين، وكأن الحديثين لم يصحَّا عند الإمامِ الشافعي؛ ولذا قال: إنْ صحَّ الحديث في لحوم الإبل، قُلْتُ به.
وقال النووي في موضعٍ آخر: لعلَّهم لم يسمعوا نصوصه، أو لم يعرفوا العلَّة.
وذهب الإمام أحمد، وأتباعه: إلى نقض الوضوء من أكل لحم الإبل، وهو قول إسحاق بن راهويه.
قال الخطابي: ذهب إلى هذا عامَّةُ أصحاب الحديث.
وقال ابن خزيمة: لم نر خلافًا بين علماء الحديث.
وأشار البيهقي إلى ترجيحه، واختياره، والذبِّ عنه.
وقال الشَّافعي: إنْ صحَّ الحديث في لحوم الإبل، قلت به.
قال البيهقي: قد صحَّ فيه حديثان.
وقال النووي في المجموع: القولُ القديم: إنَّه ينقض، وهو الأقوى من حيثُ الدليلُ، وهو الذي أعتقد رجحانه.
ودليل النقض هذا الحديثان الصحيحان:
أحدهما: حديث البراء بن عازب: "أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سُئِل أنتَوَضَّأُ مِنْ لُحُومِ الإِبِلِ؟ قال: نعم، قال: أنتوضأ من لحوم الغنم؟ قال: لا" رواه أحمد، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه.
الثاني: حديث جابر بن سمرة أنَّ رجلًا سأل النَّبي -صلى الله عليه وسلم-: "أنتوضأ من لحوم الغنم؟ قال: إنْ شِئْتَ، قال: أنتوضأ من لحوم الإبل؟ قال: نعم" أخرجه مسلم.