للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أما من السنة:

(أ) فاستدلوا بما ثبت من أنَّ جارية وُجدت قد رُضَّ رأسها بين حجرين، فسألوها من صنع هذا بك؟ فلان؟ فلان؟ حتى ذكروا يهوديًّا، فأومأت برأسها، فأخذ اليهودي، فأقرَّ، فأمر به النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يرضوا رأسه بالحجارة.

قالوا: قد أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بقتل اليهودي، ولم يجعل ذلك إِلى أولياء الجارية، ولو كان القتل قصاصًا، لكان الحق لأوليائها؛ فدَلَّ ذلك على أنَّه قتله حدًّا، لا قودًا.

(ب) واستدلوا بأنَّ النَّبيَّ -صلى الله عليه وسلم- قتل العرنيين الذين قتلوا الرعاة قتل حرابة وغيلة، ولم ينقل أنه جعل لأولياء الرعاة الخيار، ولو كان قتله إيَّاهم قصاصًا لشاورهم، وطلب رأيهم، فدلَّ على أنَّه قتلهم حدًّا، لا قودًا.

وبذلك تبَيَّن أنَّ قتل الغيلة له حكم خاص يختلف عن حكم سائر القتل العمد العدوان.

وأما الآثار: فمنها:

ما ثبت أنَّ عمر -رضي الله عنه- أمر بقتل جماعة اشتركوا في قتل غلام بصنعاء.

وفي رواية: "لو تمالأ عليه أهل الصنعاء، لقتلتهم جميعًا".

فهذا حكم الخليفة الراشد في قتل الغيلة، ولم ينقل أنَّه استشار أحدًا من أولياء الدم، ولو كان لهم حق العفو، لرد الأمر إليهم، وطلب رأيهم، ولم يُنقل أنَّ أحدًا من الصحابة أنكر عليه.

وأما القياس:

فإنَّ القتل غيلة لمَّا كان في الغالب عن ختل وخداع، وأَخْذٍ على غرة -تعذَّر التحفظ منه؛ فكان كالقتل حرابة، ومكابرة؛ حيث إِنَّ عقوبة كل منهما من

<<  <  ج: ص:  >  >>