للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فسادًا، المستحقة للعقاب الذي ذكره الله سبحانه في آية المائدة؛ سواء وقع ذلك على النفس، أو المال، أو العرض، أو أحدث إخافة السبل، وقطع الطريق، ولا فرق في ذلك بين وقوعه في المدن والقرى، أو في الصحارى والقفار، كما هو الراجح من آراء العلماء -رحمهم الله تعالى- قال ابن العربي -يحكي عن وقت قضائه-: "رفع إليَّ قوم خرجوا محاربين إلى رفقة، فأخذوا منهم امرأة مغالبةً على نفسها من زوجها، ومن جملة المسلمين معه فيها، فاحتملوها، ثم جد فيهم الطلب، فأخذوا، وجيء بهم، فسألت من كان ابتلاني الله بهم من المفتين، فقالوا: ليسوا محاربين؛ لأنَّ الحرابة إنما تكون في الأموال، لا في الفروج، فقلت لهم: إنَّا لله وإنا إليه راجعون، ألَمْ تعلموا أنَّ الحرابة في الفروج أفحش منها في الأموال، وأنَّ الناس كلهم ليرضون أن تذهب أموالهم، وتحرب من بين أيديهم، ولا يحرب الرجل من زوجته وبنته، ولو كان فوق ما قال الله عقوبة، لكانت لمن يسلب الفروج. اهـ.

(ب) يرى المجلس في قوله تعالى: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ} [المائدة: ٣٣] أنَّ "أو" للتخيير، كما هو الظّاهر من الآية الكريمة، وقول كثيرين من المحققين من أهل العلم، رحمهم الله.

(ج) يرى المجلس بالأكثرية أن يتولى نواب الإمام القضاة إثبات نوع الجريمة، والحكم فيها، فإذا ثبت لديهم أنَّها من المحاربة لله ورسوله، والسَّعي في الأرض فسادًا -فإنَّهم مخيرون في الحكم فيها بين القتل، أو الصلب، أو قطع اليد والرِّجل من خلاف، أو النفي من الأرض؛ بناءً على اجتهادهم، مراعين واقع المجرم، وظروف الجريمة،

<<  <  ج: ص:  >  >>