للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البيت المشرف، ونحوهما، أو كان من خلال الباب، أو نوافذ الجدر، فمن أي طريق فهو محرَّم، لا يجوز؛ لأنَّه اطلاع على عورات الناس، والنساء خاصّة، وكشف أحوالهم، وهذا اعتداء محرَّم، لا يجوز.

٢ - أنَّ من اطَّلع على بيت غيره بغير إذنه، فإنَّه لا حرمة له، ولا لنظره، فلو حذفه صاحب المنزل بحصاة، ففقأ عينه، لم يكن عليه إثم، ولا قصاص، ولا دية؛ لأنَّه مأذون له في هذا الدفاع، والمترتب على المأذون غير مضمون.

٣ - أما إذا حصل الإذن بالدخول، أو بالنظر من مكانٍ عالٍ على المنزل، فوقعت عين الأجنبي على ما لا يحل، فلا جناح عليه.

وإن فقأ عينه صاحب المنزل، فهو آثم ضامن؛ لأنَّ التقصير من المنظور إليه، وإلى هذا القول ذهب جمهور العلماء.

٤ - الحديث يدل على جواز رمي الناظر قبل الإنذار، فق؛ جاء في الحديث الآخر: "أنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- جعل يَخْتِل المطلع؛ ليطعنه".

٥ - هذا التأديب الإسلامي كله؛ محافظة على حرية الإنسان المباحة في بيته، فإنَّ الإنسان يتبذل ويتبسط، ويكون في حالة لا يرغب أن يطَّلع عليه أحد وهو فيها، فإذا أراد معتد أن يكشف حاله بدون إذنه، فجزاؤه ردعه بما يناسبه.

٦ - من هذا نأخذ وجوب أخذ احتياط الجيران عند البناء، بألا يكشف جار جاره، وأنَّه يجب على الجهة المسؤولة عن تنظيم العمران، وهي "البلدية"، أن تلاحظ بأن يكون بناء المنطقة على سمت واحد في الارتفاع، أو تعمل عملًا وتصميمًا خاصًّا، حتى لا يكشف جار جاره؛ وقد روى الواقدي أنَّ عمر بن الخطاب كتب إلى عمرو بن العاص وهو واليه على مصر: "سلام عليك، بلغني أنَّ خارجة بن حذافة بنى غرفة، لقد أراد أن يطِّلع على عورات جيرانه، فإذا أتاك كتابي هذا، فاهدمها، إن شاء الله تعالى، والسلام".

<<  <  ج: ص:  >  >>