للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* ما يؤخذ من الحديث:

١ - الحديث يدل على أنَّ الواجب على أصحاب البساتين حفظها بالنهار، لأنَّهم منتشرون فيها، ويعلمون فيها، وأما المواشي فهذا أوان رعيها، التي جرت عادتها أن ترعى فيه.

٢ - أما في الليل، فأصحاب البساتين ينامون، ويرتاحون من عناء النهار، وبساتينهم ليس عليها حائط، فهي مُشْرَعة.

والليل ليس وقت رعي المواشي، فعلى أصحاب المواشى حفظها باللّيل؛ لئلا تُفسِد على الناس مزارعهم، وهم عنها غافلون.

٣ - قال في "الإقناع وشرحه": ويضمن رب البهائم ما أفسدت من زرعٍ، وشجرٍ، وغيرهما ليلًا؛ لحديث البراء.

قال ابن عبد البر: هذا وإن كان مرسلًا فهو مشهور، وحدث به الأئمة الثقات، وتلقاه فقهاء الحجاز بالقبول.

ذلك أنَّ العادة من أهل المواشي إرسالها نهارًا للرعي، وحفظها ليلًا، وعادة أهل الحوائط حفظها نهارًا، فإذا أفسدت شيئًا ليلًا كان من ضمان من هي بيده، إنَّ فرَّط في حفظها.

قال النووي: أجمع العلماء على أنَّ جناية البهائم بالنَّهار لا ضمان فيها، إلاَّ أن يكون معها سائق، أو قائد، فجمهور العلماء على ضمان ما أتلفته، وأما إذا أتلفت ليلًا فمذهب الشافعي، وأحمد الضمان على صاحبها.

٤ - في زماننا ابتلى الناس بأعظم مما في البساتين، وهي الطرق البرية، التي تمر معها السيارات، التي تجد المواشي في وسط الطريق، فتصدم بها ليلًا، فيحصل نتيجة هذا الحادث الوفيات الجماعية، فتزهق فيها النفوس البريئة، والبوادي مسربون مواشيهم في هذه الطرق، وبهذا فلابد أن يُضرب على يد هؤلاء المتهاونين والمتساهلين بأرواح الناس بيد من حديد، ويجازون

<<  <  ج: ص:  >  >>