١ - الأصل أنَّ من قذف محصنًا بالزنا، فعليه إقامة البيِّنة، وبينة الزنا شهادة أربعة رجال، فإن لم يأت بهذه البينة، فعليه حد القذف: ثمانون جلدة، كما قال تعالى:{وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً}[النور: ٤].
٢ - استثني من هذا العموم، إذا قذف الرجل زوجته بالزنا، فعليه إقامة البينة أربعة شهود، فإن لم يكن لديه أربعة شهود، دُرِىء عنه حد القذف على أن يحلف أربع مرات أنَّه لمن الصادقين فيما رماها به من الزنا، وفي الخامسة يلعن نفسه، فيقول: وإنَّ لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين، وتكون الشهادات قائمة مقام الأربعة الشهود.
٣ - ذلك أنَّ الرجل إذا رأى الفاحشة في زوجته، فلا يتمكن من السكوت، كما لو رآه من الأجنبية؛ لأنَّ هذا عار عليه، وفضيحة له، وانتهاك لحرمته، وإفساد لفراشه، فلا يقدم على قذف زوجته إلاَّ من تحقَّق؛ لأنَّه لن يقدم عليه إلاَّ بدافع من الغيرة الشديدة؛ إذ إنَّ العار واقع عليهما، فيكون هذا مقويًّا لصحة دعواه.
٤ - يدل الحديث على أنَّ هلال بن أمية قذف شريكًا بالزنا بزوجة القاذف، وليس القذف للزوجة إلاَّ ضمنًا.
* خلاف العلماء:
اختلف العلماء فيمن قذف رجلاً بزوجته:
فذهب الإمامان: أبو حنيفة، ومالك إلى أن من قذف رجلاً بزوجته، فعليه إقامة البيِّنة على ذلك، وإلاَّ فعليه حد القذف؛ لأنَّه قذف من لم يكن له ضرورة إلى قذفه، فهو على أصل حد القذف.
قال ابن العربي: وهذا هو ظاهر القرآن؛ لأنَّ الله تعالى وضع الحد في