للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣ - وأما إذا كان تالفًا، فقد اختلفوا في وجوب ردِّه:

فذهب أبو حنيفة إلى: أنَّ السارق لا يغرمه؛ عملاً بهذا الحديث، والحديث ظاهر الدلالة على هذا، ولكن ليس بالقوي، وقد خالف عمومات هي أصح منه.

وذهب مالك إلى: وجوب رده من السارق الموسر، وعدم رده إن كان السارق معسرًا، ويكفي قطع يده.

وذهب الشافعي وأحمد: إلى أنَّه يجتمع على السارق الحقان مطلقًا؛ سواء كان موسرًا أو معسرًا، فالقطع هو الحق العام، فإن كان موسرًا، فيغرمه في ماله، وإن كان معسرًا فبذمته، كبقية الديون والمتلَفَات؛ لقوله تعالى: {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} [البقرة: ١٨٨]، وقوله -صلى الله عليه وسلم-: "على اليد ما أخذت، حتى تؤديه".

وَقال -صلى الله عليه وسلم-: "لا يحل مال امرىء مسلم، إلاَّ بطيبة من نفسه".

ولأنَّه اجتمع في السرقة حقَّان: حق الله تعالى، وحق للآدمي، فاقتضى كل حق موجبة، ولأنَّه قد قام الإجماع أنَّه إذا كان موجودًا بعينه أُخِذَ مِنْهُ، فيكون إذا لم يوجد في ضمانه قياسًا على سائر الأموال الواجبة.

***

<<  <  ج: ص:  >  >>