والمقصود أنَّه -صلى الله عليه وسلم- لم يُكره أحدًا على الدخول في دينه ألبتة، وإنما دخل الناس في دينه اختيارًا، وطوعًا.
فأكثر أهل الأرض دخلوا في دعوته، لما تبيَّن لهم الهدى، وأنَّه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حقًا.
وقال ابن كثير عند قوله تعالى:{لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ}[البقرة: ٢٥٦]: أي: لا تُكْرهُوا أحدًا على الدخول في دين الإسلام، فإنَّه بيِّن واضح، جلية دلائله وبراهينه، لا يحتاج إلى أن يُكره أحد على الدخول فيه.
بل من هداه الله للإسلام، وشرح صدره، ونور بصيرته، دخل فيه على بيِّنة، ومن أعمى الله قلبه، وختم على سمعه وبصره، فإنَّه لا يفيده الدخول في الدين مكرَهًا مقسورًا.
وكلام العلماء المحققين في هذا الباب كثير، وهو الذي يفهم من روح الإسلام، ومبادئه، ومقاصده.
ولكن أعداء الإسلام يأبون إلاَّ أن يصفوه بما يشوِّهه، ويشينه؛ للتضليل والتنفير.
وغزواته -صلى الله عليه وسلم- التي فتحت القلوب والعقول، ومعاملاته، ومعاهداته، ودعوته بالحكمة، والموعظة الحسنة، والمجادلة بالتي هي أحسن -تدحض تلك المزاعم، فإنَّ ربَّك أعلم بمن ضلَّ عن سبيله، وهو أعلم بالمهتدين.
وقد بيَّن ذلك ابن القيم في كتابه "زاد المعاد"؛ حيث قال:
فصل
في ترتيب سياق هدْيه مع الكفار والمنافقين من حين بُعِث إلى حين لقي ربه عزَّ وجل
أول ما أوحى إليه ربه تبارك وتعالى أن يقرأ باسم ربه الذي خلق، وذلك