للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإنَّ النَّبيَّ -صلى الله عليه وسلم- لما رأى ضربة معاذ بن عمرو بن الجموح، هي المؤثرة في قتل أبي جهل؛ لعمقها، أعطاه السلب، وطيَّب قلب ابن عفراء بقوله: "كلاكما قتله"، وإلاَّ فالضربة القاتلة لمعاذ بن عمرو.

٥ - وكذا يستحقه لو ثبت قتله بشهادة؛ لما في الصحيحين من حديث أبي قتادة قال: رأيتُ رجلاً من المشركين قد علا رجلاً من المسلمين، فضربته على حبل عاتقه، فأدركه الموت، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من قتل قتيلاً له عليه بينته، فله سلبه"، فقلتُ: من يشهد لي؟ فقال رجل من القوم: صدق يا رسول الله! سَلبُ ذلك القتيل له، فأرضه عن حقه، فقال -صلى الله عليه وسلم-: "أعطه إيَّاه فأعطاني".

٦ - قال في "شرح الإقناع": ولا تقبل دعوى القتل لأخذ السلب إلاَّ بشاهدين رجلين؛ لأن الشارع اعتبر البينة، وإطلاقها ينصرف إلى شاهدين، وسيأتي في أقسام المشهود أنَّه يقبل رجل وامرأتان، ورجل ويمين، كسائر الأموال.

٧ - وقال أيضًا: وإن قتله اثنان فأكثر، فسلبه غنيمة؛ لأنَّه -صلى الله عليه وسلم- لم يشرك بين اثنين في سلب، ولأنَّه إنما يستحق بالتفرد في قتله، ولا يحصله بالاشتراك.

٨ - صفة مقتل أبي جهل هو أنَّ شابين من الأنصار، هما: معاذ بن عمرو بن الجموح، ومعوذ بن عفراء، أخذا يتعرفان أبا جهل يوم بدر، ليقتلاه، فلما بصرا به، انطلقا إليه، فضربه معاذ، وبتر قدمه، فسقط يختبط في دمه، ثم ضربه معوذ، فأوجعه طعنًا، ثم انصرفا إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأخبراه، ثم نظر في سيفيهما، فقال: "كلاكما قتله" ولكنه قضى بالسلب لمعاذ.

وقال بعض العلماء: لأنَّ ضربته هي القاضية، ثم مرَّ بأبي جهل عبدُ الله بن مسعود، فوجده في آخر رمق، فاحتزَّ رأسه، وجاء به إلى النَّبي -صلى الله عليه وسلم-، فلما رآه قال: هذا فرعون هذه الأمة، وقضى بسيفه لابن مسعود، رضي الله عنه.

***

<<  <  ج: ص:  >  >>