للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عنوة، ولا يعرف في ذلك خلاف إلاَّ عند الشافعي، وأحمد في أحد قوليه.

قال أصحاب الصلح: لو فتحت عنوة لقسمها النبي -صلى الله عليه وسلم- بين الغانمين، ولو فتحت عنوة، لملك المجاهدون رباعها، ودورها، وكانوا أحق بها من أهلها، ولجاز إخراجهم منها، فهذا منافٍ لأحكام فتح العنوة.

قال أصحاب العنوة: لو كان صالحهم، لم يكن لأمانه المقيد بدخول كل واحد داره، وإغلاق بابه، وإلقائه سلاحه فائدةٌ، ولم يقاتلهم خالد بن الوليد حتى قتَلَ منهم جماعة، ولم ينكر عليه.

ولو فتحها صلحًا، لم يقل: "إنَّ الله أحلها لي ساعة من نهار"، فإنَّها إذا فتحت صلحًا، كانت باقية على حرمتها، ولم تخرج بالصلح عن الحرمة.

ولو فتحت صلحًا، لم يعبىء جيشه: خيالتهم ورجالتهم، ميمنة وميسرة، ومعهم السلاح.

وقد قال -صلى الله عليه وسلم-: "إنَّ الله حبس عن مكة الفيل، وسلَّط عليها رسوله والمؤمنين".

واختلفوا في جواز إقامة الحدود فيها:

فذهب الأئمة الثلاثة إلى: أنَّه يستوفى فيها الحدود، والقصاص؛ لعموم الأدلة، ولأنَّ حرمة النفس أعظم، والانتهاك بالقتل أشد، ولأنَّ الحد فيما دون النفس جار مجرى التأديب، فلا يمنع فيه.

وذهب أبو حنيفة إلى: أنَّه لا يستوفى فيها حدود القصاص؛ لقوله تعالى: {وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا} [آل عمران: ٩٧].

***

<<  <  ج: ص:  >  >>