أسمائه ما يطلق عليه باعتبار الفعل؛ نحو الخالق، والرَّازق، وهذا يدل على أنَّ أفعاله كلها خيرٌ محض، لا شرَّ فيها؛ لأنَّه لو فعل الشر لاشتُقَّ منه اسم، ولم تكن كلها حسنى، فالشر ليس إليه، فلا يضاف إليه، لا فعلًا، ولا وصفًا، وإنَّما يدخل في مفعولاته، وفرقٌ بين الفعل والمفعول، فالشر قائمٌ بمفعوله المباين له، لا بفعله الَّذي هو فعله.
فتأمَّل هذا فإنه قد خفي على كثيرٍ من المتكلمين، وزلَّت فيه أقدام، وضلَّت فيه أفهام، وهدى الله أهل الحق لما اختلفوا فيه بإذنه، والله يهدي من يشاء إلى صراطٍ مستقيم.
عاشرًا: أسماء الله الحسنى لا تدخل تحت حصر، ولا تحد بعدد؛ فإنَّ لله تعالى أسماءً وصفات استأثر بها في علم الغيب عنده، لا يعلمها ملكٌ مقرَّبٌ، ولا نبيٌّ مرسل؛ كما في الحديث الصحيح:"أو استأثرت به في علم الغيب عندك" [رواه أحمد (٣٧٠٤)]. أي: انفردت بعلمه.
ومن هذا قول النَّبي -صلى الله عليه وسلم- في حديث الشَّفاعة:"فيفتح الله عليَّ من محامده بما لا أحسنه الآن" [رواه البخاري (٤٤٣٥) ومسلم (١٩٤)].
ومنه قوله -صلى الله عليه وسلم-: "لا أُحصي ثناءً عليك، أنت كما أثنيت على نفسك" [رواه مسلم (٤٨٦)].
حادي عشر: أنَّ أسماء الله تعالى منها: ما يطلق عليه مفردًا، ويكون -أيضًا- مقترنًا بغيرها، وهذا هو غالب الأسماء، كالقدير، والسميع، والبصير، والعزيز، والحكيم، فهذا يسوغ أنْ يدعى به مفردًا أو مقترنًا بغيره.
ومنها: ما لا يطلق عليه بمفرده، بل مقرونًا بمقابله؛ كالمانع، والضار، والمنتقم، فهذا لا يجوز أنْ يفرد عن مقابله، فتقول: المعطي المانع، الضار النَّافع، المنتقم العفو، المعز المذل؛ لأنَّ الكمال في اقتران كل اسمٍ من هذه بما يقابله، لأنَّه يراد به أنَّه المنفرد بالربوبية، وتدبير الخلق، والتصرف فيهم،