عطاءً ومنعًا، ونفعًا وضرًّا، وعفوًا وانتقامًا، وأمَّا أن تثني عليه بمجرَّد المنع والانتقام فلا يسوغ، فهذه الأسماء المزدوجة تجري الأسماء منها مجرى الاسم الواحد، وإنْ تعددت لم تطلق إلاَّ مقترنة.
ثاني عشر: أنَّ من أسمائه تعالى الحسنى ما يكون دالًّا على عدَّة صفات، ويكون الاسم متناولاً لجميعها؛ كالعظيم، والمجيد، والصمد.
فالعظيم: الَّذي قد كمل في عظمته، والصمد: الَّذي كمل في سؤدده، وهذا ممَّا يخفى على كثيرٍ ممَّن تعاطى الكلام في تفسير الأسماء الحسنى، ففسَّر الاسم بدون معناه الكامل، ونقصه من حيث لا يعلم.
فمن لم يحط بهذا علمًا، بخس الاسم الأعظم حقه، وهضمه معناه، فتدبره.
ثالث عشر: إحصاء الأسماء الحسنى والعلم بها أصلٌ للعلم بكلِّ معلوم، فإنَّ المعلومات إمَّا أنْ تكون خلقًا له، أو أمرًا، فهي إمَّا علم بما كونه، أو علَّم بما شرعه، فالخلق والأمر مرتبطان بالأسماء الحسنى ارتباط المقتضى بمقتضيه؛ لذا صار العلم بها أصلًا لسائر العلوم، فمن أحصى أسماءه كما ينبغي فقد أحصى جميع العلوم؛ لأنَّ المعلومات هي مقتضاها، ومرتبطةٌ بها، وتأمَّل صدور الخلق والأمر عن علمه، وحكمته تعالى؛ فإنَّك لا تجد فيها خللًا ولا تفاوتًا؛ لأنَّ الخلل الواقع فيما يأمر به العبد، أو يفعله؛ إمَّا أنْ يكون لجهله به، أو لعدم حكمته.
وأمَّا الرب فهو العلم الحكيم، فلا يلحق فعله ولا أمره خللٌ ولا تفاوت.
رَّابع عشر: وهي الجامعة لما تقدم.
وذلك معرفة الإلحاد في أسماء الله تعالى حتَّى لا يقع المسلم فيه؛ قال تعالى: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (١٨٠)} [الأعراف].