والإلحاد في أسمائه: هو العدول بها، وبحقائقها، ومعانيها، عن الحقِّ الثَّابت لها، وهو مأخوذٌ من الميل؛ كما يدل عليه مادته.
والإلحاد في أسمائه تعالى أنواع:
أحدها: أنْ تسمى الأصنام بها؛ كتسميتهم اللات من الله، والعزَّى من العزيز.
الثاني: نسبته تعالى إلى ما لا يليق بجلاله؛ كنسبة النصارى له ابنًا، ونسبة الفلاسفة له موجبًا بذاته، أو علَّة فاعلة بالطبع.
الثالث: وصفه بما يتعالى عنه ويتقدَّس من النقائص؛ كقول أخبث اليهود: إنَّه فقير، وقولهم:{يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ}[المائدة: ٦٤].
الرَّابع: تعطيل الأسماء عن معانيها، وجحد حقائقها؛ كقول الجهمية وأتباعهم: إنَّها ألفاظ مجرَّدة، لا تتضمن صفات، ولا معاني، فيقولون: هو السميع، والبصير، ولا سمع، ولا بصر، وهذا من أعظم الإلحاد عقلًا وشرعًا. فكل من جحد شيئًا ممَّا وصف الله به نفسه أو وصفه به رسوله، فقد ألحد في ذلك.
الخامس: تشبيه صفاته بصفات خلقه؛ فهذا الإلحاد في مقابلة إلحاد المعطلة؛ فإنَّ أولئك نفوا صفات كماله، وهؤلاء شبهوها بصفات خلقه، فجمعهم الإلحاد، وتفرقت بهم طرقه، وبرَّأ الله أتباع رسوله عن ذلك، فلم يصفوه إلاَّ بما وصف به نفسه، ولم يجحدوا صفاته، ولم يشبهوها بصفات خلقه، فكان إثباتهم بريئًا من التشبيه، وتنزيههم خاليًا من التعطيل.
وبعد: فهذه قواعد عليك بمعرفتها ومراعاتها، ثمَّ اشرح الأسماء الحسنى إنْ وجدت قلبًا عاقلاً، وإلا فالسكوت أولى بك، فجناب الربوبية أجل ممَّا يخطر بالبال، أو يعبر عنه المقال، والله أعلم.