الصوم في الاعتكاف نصٌّ من كتابٍ، ولا سنَّةٍ، ولا إجماعٍ، ولا قياسٍ صحيح، أمَّا ما رُوي عن عَائِشَةَ:"لا اعتكاف إلاَّ بصومٍ" فموقوف، ومن رفعه فقد وهم، وكذا ما جاء في أبي داود (٢٤٧٤) في رواية: "اعتكف وصم" فهو ضعيف.
وعلى فرض رفع الأوَّل، وصحَّه الثاني، فالمراد به الاستحباب، فإنَّ الصوم فيه أفضل.
٤ - قال الفقهاء: وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْتكف صائماً، أو يصوم معتكفاً، لزمه الجمع بين الاعتكاف والصيام؛ لما روى البخاري (٦٧٠٠) من حديث عائشة أنَّ النَّبي -صلى الله عليه وسلم- قال:"من نذر أن يطيع الله فليطعه"، والأمر يقتضي الوجوب.
٥ - ويدل الحديث على أنَّ الكافر إذا نذر فى حال كفره، وكان نذره على وفاق حكم الإسلام، ثم أسلمَ، أنَّه يجب عليه الوفاء بنذره، وإن عقده وهو كافر؛ وإلى هذا ذهب الإمام أحمد، والبخاري، وابن جرير، وجماعةٌ من الشافعية، والحديث صريح الدلالة على ذلك، ولأن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة، كما هم مخاطبون بأصولها.
وذهب أكثر العلماء: إلى أنَّه لا ينعقد؛ لأنَّ الكافر لا تصح منه العبادة حتَّى يُسلم؛ قال الطحاوي: لا يصح من الكافر التقرب بالعبادة.
والقول الأول أصح.
٦ - وفيه دليلٌ على أنَّ من حلف في حال كفره فأسلم، ثم حنث، أنه يلزمه كفَّارة.
ومثل ذلك ظهاره، فإنه صحيحٌ موجبٌ للكفَّارة، وهذا هو مذهب الإمامين؛ الشافعي، وأحمد، رحمهما الله تعالى.