وإذا لم يكن فقيه النَّفس في الأمارات، ودلائل الحال، ومعرفة شواهده، وفي قرائن الحال، والمقال، كفقيه في كليات الأحكام، أضاع حقوقاً كثيرةً على أصحابها، وحَكَمَ بما يعلم النَّاس بطلانه، اعتماداً منه على نوع ظاهرٍ لم يلتفت إلى باطنه، وقرائن أحواله؛ فالرجوع إلى القرائن في الأحكام متَّفَقٌ عليه بين الفقهاء.
العاشرة: قال في التنوير: ينبغي أنْ يكون القاضي موثوقاً به في عفافه، وعقله، وصلاحه، وفهمه، وعلمه بالسنَّة والآثار، ووجوه الفقه والاجتهاد، وألاَّ يكون فظًّا غليظاً.
وقال في ردِّ المحتار للحنيفة، وشرح الإقناع للحنابلة: ينبغي أنْ يكون القاضي شديدًا في غير عنفٍ، ليناً في غير ضعف، فكل من هو أعرف، وأقدر، وأوجه، وأهيب، وأصبر على ما يصيبه من النَّاس، كان أولى.
الحادية عشرة: نختم هذه الفوائد بختام مسك، وهو قوله -صلى الله عليه وسلم- لأَبي ذَرٍّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: "أوصيك بتقوى الله في سرِّكَ وعلانيتك، وإذا سألت فأحسن، ولا تسألنَّ أحداً شيئاً، وإنْ سقط سوطك، ولا تقبض أمانة، ولا تقض بين اثنين" [رواه أحمد (٢١٠٦٣)].