١ - طالب ولاية القضاء أو غيرها من الولايات له إحدى حالتين: إحداهما: أنْ يقصد من الحصول عليها الجاه، والرئاسة، والمال، فهذا هو المذموم، وهو الَّذي وردت الأحاديث الصحيحة بذمِّه ومنعه، ومنع طالب الولاية فيها، ومن تلك الأحاديث:
- ما أخرجه مسلم (١٨٢٥) عن أبي ذرٍّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قال:"قلت: يارسول الله! ألا تستعملني؟ قال: إنَّك ضعيف، وإنَّها أمانة، وإنَّها يوم القيامة خزيٌ وندامة، إلاَّ من أخذها بحقِّها، وأدَّى الَّذي عليه فيها".
- وما أخرجه الطبراني (١٨/ ٧١) والبزَّار (٧/ ١٨٨) بسندٍ صحيح من حديث عوف بن مالك أنَّ النَّبي -صلى الله عليه وسلم- قال:"أولها ملامة، وثانيها ندامة، وثالثها عذاب يوم القيامة، إلاَّ من عدل".
قال النووي عن حديث الباب: هذا أصلٌ عظيم في اجتناب الولاية، لاسيما لمن كان فيه ضعف، وهو في حق من دخل فيها بغير أهلية، ولم يعدل؛ فإنَّه يندم على ما فرط منه إذا جوزي بالجزاء يوم القيامة.
الثانية: أنْ يطلب القضاء أو الولاية؛ لأنَّها متعينة عليه؛ لأَنَّه لا يوجد من هو أهل لها وللقيام بها، وإذا تركها، تولاَّها من لا يقوم بها، ولا يحسنها، فيطلبها بهذه النية، وهو القصد الحسن؛ فهذا مثاب مأجور معان عليها.
قال ابن مسعود -رضي الله عنه-: لأن أجلس قاضياً بين اثنين، أحب إليَّ من عبادة سبعين سنة.
قال في المغني: وفي القضاء فضل عظيم. لمن قوي على القيام به، وأداء الحق فيه؛ ولذلك جعل الله فيه أجراً على الخطأ، وأسقط عنه حكم الخطأ، ولأنَّ فيه أمراً بالمعروف، ونصرة للمظلوم، وأداء للحق إلى مستحقه، وردًّا للظَّالم عن ظلمه، وإصلاحاً بين النَّاس، وتخليصاً لبعضهم من بعض.