وقد ظهرت الآن هذه الحكمةُ النبوية، وهذا الإعجازُ العلمي، قال الجرجاوي: إنَّ الشَّارعَ الحكيمَ فرَضَ الاغتسال بعد خروج المنيِّ، ولم يفرضه بعد خروجِ البولِ، مع أنَّهما من مكانٍ واحدٍ وعضوٍ واحدة ذلك أنَّ البول عبارة عن فضلة المأكول والمشروب، وأمَّا المنيُّ فهو عبارةٌ عن مادَّةٍ مكوَّنةٍ من جميع أجزاء البدن، ولذا نرى الجسم يتأثَّر بخروجه، ولا يتأثَّر بخروج البول؛ ولذا نرى الإنسان بعد الجماع تضعُفُ قوَّة بدنه، فالغسلُ بالماء يُعِيدُ إلى البدن هذه القوَّة المفقودة بخروجِ المنيِّ؛ كما أنَّ خروج هذه القوَّة من الجِسْمِ تسبِّب الكسل، والاغتسالُ يعيد إلى الجسْمِ نشاطه.
وقد صرَّح الأطبَّاء أنَّ الاغتسال بعد الجماع يعيد إلى البدن قوته، وأنَّه أنفع شيء له في تنشيط دورة الدم في الجسم؛ ليعود إليه نشاطه وقوته، وأنَّ ترك الاغتسال يسبِّب له أضرارًا كبيرة.
فالطَّهارة عمليةٌ نافعةٌ جدًّا للرَّجُلِ والمرأة على السَّواء، إذا فقد بالعملية الجنسية النَّشاط والحيوية، فإنَّ الاغتسالَ يعيدُ إلى الجسمِ ذلك النَّشاطَ، وتلك الحيوية، ولله في شَرْعِهِ حِكَمٌ وأسرار.