٩٣ - عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "الْمَاءُ مِنَ الْمَاءِ" رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَأَصْلُهُ فِي الْبُخَارِيِّ (١).
ــ
* مفردات الحديث:
- الماء من الماء: مبتدأٌ وخبر، فالماءُ الأوَّل؛ ماءُ الاغتسال، والثَّاني: المنيُّ النَّازلُ دفقًا بلذةٍ، وقد سمَّاه اللهُ مَاءً؛ فقال تعالى: {خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ (٦)} [الطارق: ٦]، وبين اللفظين جناس تام لاتفاق حروفهما في الهيئة والنَّوع والعدد والتَّرْتيِب.
- مِن: للتَّعْليل، وفي بعض الطرق:"إنَّما المَاء من الماء".
* ما يؤخذ من الحديث:
١ - الحديثُ يدلُّ على أنَّ وجوب الاغتسال من الجنابة لا يكون إلاَّ من إنزال الماء الذي هو المني، وأنَّه إنْ لم ينزلْ، فلا غُسْلَ عليه من الجنابة.
٢ - الحديث يدلُّ على أنَّ هذا الحكم بمفهوم الحصر المستفاد من تعريف المسند إليه، وهو الماء الأوَّل، كما وَرَدَ في الصحيح محصورًا بأداة "إنَّما" بقوله: "إنَّما الماء من الماء"؛ فهذا الحصر يفيد أنَّه لا غُسْلَ إلاَّ من الإنزال.
٣ - الاغتسال هو إفاضة الماء على عموم الجسم، وأجمعوا على مشروعيَّة الدلك، إلاَّ أنَّهم اختلفوا هل يجب أو لا يَجِبُ؟ والصَّحيحُ الذي عليه الجمهور: أنَّه لا يجب؛ لأنَّ الدلك ليس مِنْ مسمَّى الاغتسال.
٤ - مفهومُ الحديث معارَضٌ بمنطوقِ حديثِ أبي هريرة الذي بعده، وليس له محملٌ يوجَّه إليه؛ ولذا قال جمهور العلماء: إنَّه منسوخٌ به.