قال الشيخ: وهو مقتضى قواعد أحمد وغيره، ولا أعلم نصًّا يخالفه، ولا يعرف عن صحابي، ولا تابعي اشتراط لفظ الشَّهَادة.
وقال ابن القيم: الإخبار إشهادٌ محض في أصح الأقوال.
وهو قول الجمهور؛ فإنَّه لا يشترط في صحَّة الشهادة لفظ أشْهَدُ، بل متى قال الشاهد: رأيتُ، أو سَمِعْتُ، أو نحو ذلك، كانت شهادةً منه، وليس في كتاب الله، ولا في سنَّة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- موضعٌ واحدٌ يَدُلُّ على اشتراط لفظ الشهادة، ولا عن رجلٍ واحدٍ من الصحابة، ولا قياس، ولا استنباط يقتضيه، بل الأدلَّةُ المتضافرةُ من الكتاب، والسنَّة، وأقوال الصحابة، ولغة العرب: تنفي ذلك.
٣ - الحِديثان متعارضان؛ فحديث زيد: مدح الَّذي يأتي بالشَّهادة قبل أنْ يُسْأَلَهَا، وتطلب منه، وحديث عمران: ذمَّ الَّذين يَشْهَدون قبل أنْ يُستَشْهدوا، وتُطلَبَ منهم، وجُمعَ بينهما بعدَّة أوجهٍ:
أحسنها: كونه يَشْهَد قبل أنْ يُسْتَشهد مذمومٌ، إلاَّ أنْ يكون عنده شهادة بحق لا يعلم بها صاحب الحق، فيأتي إليه، ويخبره بها، أو يموت صاحبُ الحق فيأتي إلى ورثته، فيخبرهم بأنَّ عنده لهم شَهادة؛ فهذا هو أحسن الوجوه في الجمع بين الحديثَيْنِ.
قال في الإنصاف: مَنْ عنده شهادة لآدمي يعلمها لم يقمها حتَّى يسأله، فإنْ لم يعلمها، استحب له إعلامه بها.
٤ - قال شيخ الإسلام: يجب على من طُلِبَتْ منه الشهادةُ أداؤها، فإذا امتَنَعَ الجماعةُ من الشهادة، أثموا كلهم باتفاق العلماء.
وقال ابن القيم: إنَّ الشَّاهد إذا كتم الشهادة بالحقِّ، ضمنه؛ لأَنَّه أمكنه تخليص حق صاحبه، فلم يفعل؛ فلزمه الضمان.