للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القرآن شيئاً؛ لأنَّا نحكم بشاهدين، وشاهد وامرأتين، فإذا كان شاهد واحد حكمنا بشاهدٍ ويمين، وليس ذا يخالف القرآن؛ لأَنَّه لم يحرِّم أنْ يكون أقل ممَّا نصَّ عليه في كتابه، ورسولُ الله أعلم بمراد الله، وقد أمرنا الله أنْ نأخذ ما أتانا به.

وقال ابن القيم: وليس في القرآن أنَّه لا يُحْكَمُ إلاَّ بشاهدين، أو شاهد وامرأتين؛ فإنَّ الله سبحانه وتعالى إنَّما أمر بذلك أصحاب الحقوق أنْ يحافظوا على حقوقهم بهذا النصاب، ولم يأمر بذلك الحُكَّامَ أنْ يحكموا به، فضلاً عن أنْ يكون قد أمرهم أنْ لا يقضوا إلاَّ بذلك؛ ولهذا يحكم الحاكمُ بالنكولِ، واليمينِ المردودةِ، والمرأة الواحدة، والنساء المنفردات لا رجل معهنَّ، وغير ذلك من طرق الحكم التي لم تذكر في القرآن، فإنْ كان الحكم بالشَّاهد مخالفاً لكتاب الله، فهذه أشد مخالفةً لكتاب الله منه، وإنْ لم تكن هذه الأشياء مخالفة للقرآن، فالحكم بالشَّاهد واليمين أولى ألاَّ يكون مخالفاً.

فطرق الحكم شيء، وطرق حفظ الحقوق شيءٌ آخر، وليس بينهما تلازُمٌ، فتحفَظُ الحقوقُ بما لا يَحْكُمُ به الحاكم ممَّا يعلم صاحب الحق أنَّه يحفظ به حقَّه، ولا خطر على باله النكولُ، وردُّ يمين، وغير ذلك، ومن العجائب رد الشَّاهد واليمين، والحكمُ بمجرَّد النكول، الَّذي هو سكوت، ولا ينسب إلى ساكت قول.

٤ - وإذا قضى بالشَّاهد واليمين، فالحكم بالشَّاهد وحده، واليمينُ تقوية وتوكيد، هذا منصوص أحمد، فلو رجع الشَّاهد، كان الضمان كله عليه.

٥ - الَّذي يظهر من الأحاديث ومن التعليل والتحليل، والمقارنة بين القولين هو رجحان القول بقبول الشَّاهد مع اليمين في الحقوق المالية، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>