قال ابن القيم؛ البيِّنة في كلام الله تعالى، وكلام رسوله الكريم -صلى الله عليه وسلم-، وكلام الصحابة: اسمٌ لما يبيِّن الحق، فهي أعم من البيِّنة في اصطلاح الفقهاء، حيث خصوها بالشَّاهد أو الشَّاهد واليمين، ولا حجر في الاصطلاح ما لم يتضمَّن حجر كلام الله، وكلام رسول -صلى الله عليه وسلم-، فيقع في ذلك الغلط في فهم النصوص، وحملها على غير مراد المتكلِّم منها.
٥ - حديث الباب قاعدةٌ عظمى من قواعد القضاء؛ فعليها يدور غالب الأحكام.
٦ - هذا حديثٌ عظيم القدر، فهو أصلٌ من أصول القضاء والأحكام؛ فإنَّ القضاء بين النَّاس إنَّما يكون عند التنازع، هذا يدَّعي على هذا حقًّا من الحقوق، والآخر ينكره ويتبرَّأ منه.
٧ - من ادَّعى عيناً، أو ديناً، أو حقًّا على غيره، وأنكر المدَّعَى عليه الدعوى، فالأصل مع المنكِر؛ لأنَّ الأصل براءة الذِّمة.
فإنْ أتى المدَّعي ببينةٍ تثبت ذلك الحقَّ، ثبت له به، وإنْ لم يأتِ ببينةٍ، فليس له على المدَّعَى عليه إلاَّ اليمينُ على نفي دعواه.
٨ - الحديث يدل على مذهب جمهور العلماء، ومنهم الشَّافعية، والحنابلة: على أنَّ اليمين متوجِّهةٌ على المدعى عليه، سواءٌ كان بينه وبين المدَّعي اختلاطٌ، أم لا.
أمَّا مذهب المالكية، وأهل المدينة، ومنهم الفقهاء السبعة: فإنَّ اليمين لا تتوجَّه إلاَّ على من بينه وبين المدَّعِي خلطة؛ لئلا يبتذل السفهاء أهل الفضل بتحليفهم.
٩ - أمَّا من كان عليه دينٌ، أو حقٌّ ثابتٌ بذمته، وطولب به، فادَّعى أنَّ ذمته برئت بوفاءٍ، أو إسقاطٍ، أو صلحٍ، أو غير ذلك، فالأصل أنَّ ما في ذمته باقٍ، فإنْ لم يأت ببينةٍ على الوفاء والبراءة، فإنَّ له على صاحب الحقِّ اليمينَ على أنَّ