٦ - أنَّ أموال النَّاس حرامٌ قليلها وكثيرها؛ فقد قال -صلى الله عليه وسلم-: "وإنْ كان قضيباً من أراك" يريد بذلك الشيء الحقير؛ فكيف يكون ذلك بدمائهم، وأعراضهم، وسائر حقوقهم؛ ولذا قال -صلى الله عليه وسلم- في حجَّة الوداع:"إنَّ دماءكم، وأعراضكم، وأموالكم، عليكم حرام، كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا، ألا هل بلَّغت" [رواه البخاري (١٧٤١) ومسلم (١٦٧٩)].
٧ - قوله:"حرم عليه الجنَّة" أجمع السلف على أنَّ فاعل الكبيرة ليس كافراً ولا خارجاً من الملَّة، وأنَّه -وإنْ عُذِّبَ على ذنوبه- فلن يخلد بالنَّار؛ ولذا فسَّروا مثل هذا الحديث بعدَّة تفاسير:
فبعضهم قال: من فعل ذلك مستحلاًّ له.
وبعضهم قال: إنَّ مثل هذه الأحاديث لا يقصد منها معناها الظَّاهر، وإنَّما قصد بها التخويف والزجر، فتبقى على المراد منها.
وبعضهم قال: هذا من النصوص التي تُمَرُّ كما جاءت بلا تفسير.
أمَّا شيخ الإسلام: فيرى أنَّ الإنسان فيه موجبات العذاب، وموجبات الغفران، فهذا يدفع الآخر، فعمله هذا سبب لدخوله النَّار، ولكن ما معه من الإيمان يمنعه من الخلود فيها.
٨ - وفي الحديث: أنَّ صفة البشرية للنَّبي -صلى الله عليه وسلم- لم تغيرها النبوة والرِّسالة؛ كما قال تعالى:{إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ}[الكهف: ١١٠].
وقال هو عليه الصَّلاة والسَّلام:"إنَّما أنا بشر" [رواه البخاري (٤٠١)، ومسلم (٥٧٢)].
وبهذا فإنَّه -كما جاء في هذا الحديث- لا يدرك من الأمور إلاَّ ظواهرها، إلاَّ أن تقتضي الحكمة اطِّلاعه على أمور من الغيب، وإلاَّ فالأصل فيه عدمه؛ قال تعالى:{وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ}[الأعراف: ١٨٨].