للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيها روايتان:

إحداهما: أنَّ النَّبي -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "اذهبوا به إلى حائط بني فلان، فَمُرُوهُ أنْ يغتسل" [رواه أحمد (٧٩٧٧) وابن خزيمة (١/ ١٢٥)].

ويؤيِّده حديثُ قيس بن عاصم؛ أنَّه أسلَمَ، فأمره النَّبي -صلى الله عليه وسلم- "أنْ يغتسلَ بماءٍ وسدر" [رواه أحمد (٢٠٠٨٨)، والترمذي (٦٠٥) وحسَّنه].

أمَّا الرِّواية الثانية -التي في الصحيحين في قصَّة إسلام ثمامة-: فإنَّه هو الذي ذهب بنفسه واغتَسَلَ ثمَّ أسلم، فيكونُ اغتسالُهُ من باب إقرارِهِ عليه -صلى الله عليه وسلم- لا أمره به، وهذا لا يدُلُّ على الوجوب؛ كما هو عند الأصوليين.

ولذا فالرَّاجحُ: أنَّ غسل الكافر إذا أسلم مستحبٌّ وليس بواجب؛ لما يأتي:

أوَّلًا: أنَّ العدد الكثير والجم الغفير أسلَمُوا، فلو أمر كلَّ من أسلم بالغسل، لنقل نقلًا متواترًا أو ظاهرًا.

ثانيًا: بعَثَ النَّبيُّ معاذًا إلى اليمن، وقال: "ادعُهُمْ إلى شهادة أن لا إله إلاَّ الله، وأنَّ محمدًا عبده ورسوله"، ولو كان الغسل واجبًا، لأمرهم به؛ لأنَّه أوَّل واجبات الإِسلام.

قال الخطابي: أكثرُ أهلِ العلم على استحبابِ الغسلِ، لا على إيجابه.

والاستحباب هو الرواية الأخرى عن الإمام أحمد، اختارها جماعةٌ من الحنابلة، قال في الإنصاف: وهو أولى.

وبهذا: فحديثُ قيس بن عاصم وحديثُ ثمامة بن أثال، يُحْمَلاَنِ على الاستحباب.

وقد أجمَعَ العلماءُ على مشروعية الاغتسال، إلاَّ أنَّ بعضهم يرى الوجوب، وبعضهم يرى الاستحباب.

***

<<  <  ج: ص:  >  >>