فهذا نصٌّ صحيحٌ صريحٌ في المسألة في أنَّ القصد من التحريم هو الخيلاء، لا كثرة نزول الإزار، أو قلته، وإلاَّ لقيد به.
قال الإمام النووي في شرح مسلم: وأمَّا قوله -صلى الله عليه وسلم-: "المسبل إزاره" فمعناه: المرخي له، الجار طرفه خيلاء؛ كما جاء مفسَّرًا بالحديث الآخر.
وهذا التقييد بالجر خيلاء يخصِّص عموم من أسبل إزاره، ويدل على أنَّ المراد بالوعيد مَنْ جرَّه خيلاء، وقد رخَّص النَّبي -صلى الله عليه وسلم- لأَبي بكرٍ الصديق -رضي الله عنه- وقال: "لست منهم"؛ إذ كان جرَّه لغير الخيلاء.
وقال الإمام ابن جرير: وذَكَرَ الإسبال للإزار وحده؛ لأنَّه كان عامَّة لباسهم، وحكم غيره من القميص حكمه.
قال النووي: وقد جاء ذلك مبينًا منصوصًا عليه من كلام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "الإسبال في الإزار والقميص والعمامة، فمن جرَّ شيئًا خيلاء، لم ينظر الله تعالى إليه يوم القيامة" [رواه أبو داود (٤٠٩٤) والنسائي (٥٣٣٤) وابن ماجة (٣٥٧٦) بإسنادٍ حسن]، والله أعلم.
والرَّاجح فقهًا: هو ما ذهب إليه حاملو مطلق نصوص المسألة على مقيدها، والله الموفق، والهادي إلى سواء السبيل.