قال النووي: احفظ أوامره وامتثلها، وانته عن نواهيه، يحفظك في تقلباتك، وفي دنياك، وآخرتك.
فكل ما يحصل للعبد من النبلاء والمصائب، فهو بسبب تضييع أوامر الله تعالى؛ قال تعالى:{وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ}[الشورى: ٣٠].
وقال ابن رجب: قوله: "احفظ الله" يعني: احفظ حدوده، وحقوقه، وأوامره، ونواهيه، وحفظ ذلك هو الوقوف عند أوامره بالامتثال، وعند نواهيه بالاجتناب، وعند حدوده بأنْ لا يتجاوز ما أمر به وأذن فيه، إلى ما نهى عنه؛ فمن فعل ذلك، فهو من الحافظين لحدود الله.
وقوله:"يحفظك" يعني: أنَّ من حفظ حدود الله، وراعى حقوقه، حفظه الله فإنَّ الجزاء من جنس العمل؛ كما قال تعالى:{وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ}[البقرة: ٤٠]، {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ}[البقرة: ١٥٢].
وحفظ الله لعبده نوعان:
أحدهما: حفظه له في مصالح دنياه؛ كحفظه في بدنه، وولده، وأهله، وماله، قال تعالي:{لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ}[الرعد: ١١].
قال ابن عباس: هم الملائكة يحفظونه بأمر الله، فإذا جاء القدر، تخلوا عنه.
الثاني، وهو أشرف النوعين: حفظ العبد في دينه وإيمانه، فيحفظه في حياته من الشبهات المضللة، ومن الشهوات المحرَّمة؛ فيتوفَّاه على الإيمان, وفي الجملة: فإنَّ الله عزَّ وجل يحفظ على المؤمن حدود دينه، ويحول بينه وبين ما يفسد عليه دينه، بأنواعٍ من الحفظ، وقد لا يشعر العبد ببعضها.
الثانية:"احفظ الله؛ تجده تجاهك":
معناه: أنَّ من حفظ حدود الله، وجد الله معه في كلِّ أحواله؛ حيث