للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

توجه: يحوطه، ويحفظه، ويوفِّقه، ويسدِّده، ومن يكن الله معه، فمعه الفئة التي لا تُغلب، والحارس الَّذي لا ينام، والهادي الَّذي لا يضل.

قال تعالى لموسى وهارون: {لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى (٤٦)} [طه]، وقال -صلى الله عليه وسلم-: "وما ظنك باثنين الله ثالثهما" [البخاري (٢٦٦٣) ومسلم (٢٣٨١)]، وقال -صلى الله عليه وسلم-: "لا تحزن إنَّ الله معنا" [رواه البخاري (٣٦١٥) ومسلم (٢٠٠٩)].

فهذه المعيَّة الخاصَّة تقتضي النصر، والتأييد، والحفظ، والإعانة.

أمَّا المعيَّة العامَّة المذكورة في قوله تعالى: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا} [المجادلة: ٧]: فإن هذه معيَّة تقتضي علمه، واطلاعه، ومراقبته لأعمالهم؛ فهي تقتضي تخويف عباده منه.

وأمَّا المعيَّة الأولى: فتقتضي حفظه، وحياطته، ونصره، فمن حفظ الله، وراعى حقوقه، وَجَدَهُ أمَامه وتجاهه، فاستأنس واستغنى به عن خلقه.

الثالثة: قوله: "إذا سألت، فأسأل الله":

قال النووي: فيه إشارة إلى أنَّ العبدَ لا ينبغي له أنْ يعلِّق سرَّه بغير الله، بل يتوكَّل عليه في جميع أموره:

ثمَّ إنْ كانت الحاجة التي يسألها لم تجر العادة بجريانها على أيدي خلقه؛ كمطلب الهداية، والعلم، والفهم في القرآن والسنَّة، وشفاء المرض، وحصول العافية من بلاء الدنيا، وعذاب الآخرة-: سأل ربه ذلك.

وإنْ كانت الحاجة التي يسألها جرت العادة أنَّ الله سبحانه وتعالى يجريها على أيدي خلقه، كالحاجات المتعلقة بأصحاب الحرف والصنائع وولاة الأمور-: سأل الله تعالى أنْ يعطِّف عليه قلوبهم.

وقال ابن رجب: قوله: "إِذَا سألت؛ فأسأل الله، وإذا استعنت؛ فاستعن بالله": هذا منتزعٌ من قوله تعالى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (٥)}

<<  <  ج: ص:  >  >>