للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منه، فهذا هو الحسد المذموم.

٣ - الحسد قد جاء ذمُّه في الكتاب والسنَّة؛ فقال تعالى: {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [النساء: ٥٤]؛ فهذا إنكارٌ من الله تعالى لمن يحسد النَّاس على ما أنعم الله عليهم.

وجاء في مسند أحمد (١٤١٥) وسنن الترمذي (٢٥١٠) من حديث الزبير ابن العوام، عن النَّبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "دبَّ إليكم داء الأُمم قبلكم: الحسد، والبغضاء هي الحالقة، حالقة الدِّين".

وفي الحسد آثارٌ كثيرة، وقد قيل: إنَّ أوَّل ذنبٍ عُصِيَ الله به الحسد، حينما أمر الله إبليس بالسجود لآدم، فحسده، وامتنع من السجود، فطرده الله من الجنَّة.

٤ - قال ابن رجب: الحسد مركوز في طباع البشر، وهو أنَّ الإنسان يكره أنْ يفوقه أحدٌ من جنسه في شيءٍ من الفضائل.

والنَّاسُ ينقسمون فيه مراتب:

- منهم: من يسعى في زوال نعمة المحسود بالبغي عليه بالقول والفعل.

- ومنهم: من يسعى في نقل ذلك إلى نفسه.

- ومنهم: من يسعى في إزالة المحسود فقط، من غير نقل ذلك إلى نفسه، وهذا كله حسدٌ مذموم، وهو المنهي عنه.

- وقسمٌ آخر من النَّاس: إذا حسد غيره، لم يعمل بمقتضى حسده، ولم يبْغِ على المحسود بقولٍ ولا بفعل، وقد رُوِيَ عن الحسن أنَّه لا يأثم بذلك.

- وقسمٌ آخر: إذا وجد في نفسه الحسد، سعى في إزالته، وفي الإحسان إلى المحسود بإبداء الإحسان إليه، والدعاء له، ونشر فضائله، وفي إزالة ما وجد في نفسه من الحسد حتَّى يبدَّل بمحبته.

وهذا من أعلى درجات الإيمان, وصاحبه هو المؤمن الكامل الَّذي يحب

<<  <  ج: ص:  >  >>