نوعٌ محرَّمٌ مذموم: وهو أَنْ يتمنَّى زوال نعمة الله عن العبد، سواءٌ أحب ذلك محبَّة استقرَّت في قلبه، ولم يجاهد نفسه عنها، أو سعى مع ذلك في إزالتها وإخفائها، وهذا أقبح؛ لأنَّه ظلمٌ متكرِّر.
وهذا النوع هو الذي يأكل الحسنات، كما تأكل النَّار الحطب.
النوع الثاني: أنْ لا يتمنَّى زوال نعمة الله عن العبد، ولكن يتمنَّى حصول مثلها له، أو فوقها، أو دونها.
وهذا نوعان: محمودٌ، وغير محمود:
فالمحمود: أنْ يرى نعمة الله الدينية على عبده، فيتمنَّى أنْ يكون له مثله، فهذا من باب تمنِّي الخير، فإن قارن ذلك سعي وعمل لتحصيل ذلك، فهو نورٌ على نور.
وأمَّا الغبطة التي لم تحمد: فيتمنِّي حصول مطالب الدنيا؛ لأَجل اللذات، وتناول الشهوات؛ كقصَّة قوم قارون.
٦ - قال ابن القيم عند قوله تعالى: {وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ (٥)} [الفلق]: تأمَّل تقييده سبحانه وتعالى شرَّ الحاسد بقوله: {إِذَا حَسَدَ}؛ لأنَّ الرَّجل قد يكون عنده الحسد، ولكن يخفيه، ولا يظهر عليه بوجهه، ولا بقلبه، ولا بلسانه، ولا بيده، بل لا يجد في قلبه شيئًا من ذلك، ولا يعامل أخاه إلاَّ بما يحب الله، فهذا لا يكاد يخلو منه أحدٌ إلاَّ من عصم الله.
وللحسد ثلاث مراتب:
إحداها: هي المتقدمة.
الثانية: تمنِّي استصحاب عدم النعمة، فهو يكره أنْ يحدث الله بعبده نعمة، بل يحب أنْ يبقى على حاله، من جهله، أو فقره، أو ضعفه، أو