للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - أما تسمية الفقه بأنَّه العلم بالأحكام الشرعية الفرعية عن أدلتها التفصيلية بالاستدلال، فإنَّ هذا إنَّما هو اصطلاح خاصٌّ حادث لعلماء الأصول الفقهية، فيدخل في مدلوله الشرعي -على المعنى العام-: معرفة حقائق الإيمان، ومعرفة أحكام شرائع الإسلام، ومعرفة السَّير والسلوك إلى الله بمعرفة مراتب الإحسان؛ فمن أراد الله به خيرًا فقَّهه في هذه الأمور، ووفَّقه للعمل بها.

٣ - دلَّ مفهوم الحديث على أنَّ من أعرض عن الفقه في الدين، والتحلي بعلومه التي هي أشرف العلوم، أنَّ الله تعالى لم يرد به خيرًا.

وقد جاء هذا المعنى منطوقًا في رواية أبي يعلى (١٣/ ٣٧١): "ومن لم يُفَقِّهْهُ لم يبال الله به".

٤ - العلوم الشرعية من الأعمال النافعة المتعدي نفعها من حاملها إلى غيره، تعليمًا، أو تأليفًا، أو قضاء، أو إفتاء؛ فهي من الأعمال الباقية بعد وفاة صاحبها: "أو علم يُنْتفع به بعده" [رواه مسلم (١٦٣١)].

قال الله تعالى: {يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُولُو الْأَلْبَابِ (٢٦٩)} [البقرة].

٥ - للتفقه في الدين طرق وأسباب، من أخذ بها، نجح، وحصل له الفقه التام في دين الله، فمنها: تقوى الله تعالى، والإخلاص في الطلب، فلا يريد به إلاَّ وجه الله والدار الآخرة، ومنها سلوك الطرق المستقيمة في التحصيل، فيعنى أول طلبه بالمختصرات لتلك العلوم وأصولها، حفظًا وفهمًا، ثم يتوسع فيها شيئًا فشيئًا، ولا يزج بنفسه بالمراجع الكبار في أول الطلب، فيتشتت ذهنه، ويضيع جهده في أسفار العلم، والكتب الكبيرة؛ فيخرج بلا فائدة.

***

<<  <  ج: ص:  >  >>