للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٣٣٦ - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِن مَالٍ، وَمَا زَادَ اللهُ عَبْدًا بعَفْوٍ إلاَّ عِزًّا، وَما تَواضَعَ أَحَدٌ للهِ إلاَّ رَفَعَهُ اللهُ تَعَالَى" أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ (١).

ــ

* ما يؤخذ من الحديث:

الحديث فيه ثلاث جمل من الأحكام الحكيمة والآداب السامية:

الأولى: "ما نقصت صدقة من مال": وهذا يشمل ثلاثة معان:

١ - أنَّ الله تعالى ينمِّي المال بالصدقة، ويزكيه، ويبارك فيه، فتندفع عنه الآفات، وتحل فيه البركات الحسية والمعنوية.

٢ - أنَّ الثواب الحاصل من الصدقة جَبَرَ نَقْص عينها؛ فالمتصدِّق إذا نقص من جانب عوِّض عنه ما هو أكثر منه من جانب آخر.

٣ - أنَّ الله تعالى يخلفها بعوض يعوِّضه به عن نقص المال، بل ربما زادته؛ قال تعالى: {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ} [سبأ: ٣٩]، وقال تعالى: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً} [البقرة: ٢٤٥].

الثانية: "ما زاد الله عبدًا بعفو إلاَّ عزًّا":

فيه الحث على العفو عن المسيء، وعدم مجازاته على إساءته، وإن كانت جائزة، لكن العفو عند المقدرة له مقام كبير عند الله وعند خلقه:

أما عند الله: فإنه سبحانه يحبه؛ لأنَّه محسن، فيضع له المحبة في الأرض.

وأما عند الناس: فإنَّ الناس إذا علموا أنَّه عفا عن مقدرة، صار له عندهم منزلة كبيرة، ومقام عظيم، ونُظِر إليه بعين الإجلال والإكبار، أما المنتقم فإنَّه لا


(١) مسلم (٢٥٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>