الحديث فيه ثلاث جمل من الأحكام الحكيمة والآداب السامية:
الأولى:"ما نقصت صدقة من مال": وهذا يشمل ثلاثة معان:
١ - أنَّ الله تعالى ينمِّي المال بالصدقة، ويزكيه، ويبارك فيه، فتندفع عنه الآفات، وتحل فيه البركات الحسية والمعنوية.
٢ - أنَّ الثواب الحاصل من الصدقة جَبَرَ نَقْص عينها؛ فالمتصدِّق إذا نقص من جانب عوِّض عنه ما هو أكثر منه من جانب آخر.
٣ - أنَّ الله تعالى يخلفها بعوض يعوِّضه به عن نقص المال، بل ربما زادته؛ قال تعالى:{وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ}[سبأ: ٣٩]، وقال تعالى:{مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً}[البقرة: ٢٤٥].
الثانية:"ما زاد الله عبدًا بعفو إلاَّ عزًّا":
فيه الحث على العفو عن المسيء، وعدم مجازاته على إساءته، وإن كانت جائزة، لكن العفو عند المقدرة له مقام كبير عند الله وعند خلقه:
أما عند الله: فإنه سبحانه يحبه؛ لأنَّه محسن، فيضع له المحبة في الأرض.
وأما عند الناس: فإنَّ الناس إذا علموا أنَّه عفا عن مقدرة، صار له عندهم منزلة كبيرة، ومقام عظيم، ونُظِر إليه بعين الإجلال والإكبار، أما المنتقم فإنَّه لا