الاجتهاد لا يكون في زمنه إلاَّ في حالِ غيبتِهِ، وبُعْدِهِ عن مكان المستفتي.
٨ - اختلَفَ العلماء في جواز التيمُّم بجميع ما تصاعد على وجه الأرض:
فذهب الإمامان الشَّافعي وأحمد: إلى أنَّه لا يصح التيمُّم إلاَّ بتراب له غبار؛ واحتجا بقوله تعالى:{فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ}[المائدة: ٦]، وما ليس له غبار لا يَعْلَقُ باليد منه شيء، فلا يجوزُ التيمُّم به؛ كما احتجا بما رواه مسلم من حديث حذيفة أنَّ النَّبي -صلى الله عليه وسلم- قال:"وجعلت لنا الأرضُ مسجدًا، وجُعلت تربتها لنا طهورًا".
وذهب الإمامان أبو حنيفة، ومالك: إلى جواز التيمُّم بكلِّ ما تصاعد على وجه الأرض، سواءٌ كانت ذاتَ غبار أو غير ذات غبار؛ كالرمل، والحصى، والسباخ، والرطب، واليابس، ومحروق، وحجر، وحشيش، وشجر، وعلى ما عليها من فرش، وحيوان، وغير ذلك، فلا يستثنيان شيئًا ممَّا على وجه الأرض.
وذهب إلى هذا الأوزاعيُّ، وسفيان الثوري.
قال النووي: وهو وجهٌ لبعض أصحابنا.
وهو الروايةُ الأخرى عن الإمام أحمد، اختارها شيخ الإسلام، وابن القيم، واستظهرها ابن مفلح في الفروع، وصوَّبها في الإنصاف؛ لقوله تعالي:{فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا}[المائدة: ٦]، وقوله -صلى الله عليه وسلم-: "جعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا".
فعموم النصوص تفيدُ جوازَ التيمُّم بجميعِ ما تصاعَدَ على وجه الأرض.