للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - الحكمة في هذا: راحة المصلِّين، وتأديتها في جوٍّ مريحٍ بعيدٍ عمَّا يشغل قلب المصلِّي عن الصلاة، ويذهبُ عنه الخشوعَ الَّذي هو رُوحُ الصلاة؛ ولذا استحبَّ العلماء الإبراد حتَّى في حقِّ من يصلِّي وحده أو في بيته؛ لأنَّ المعنى في الجميع واحد.

٣ - سبب شدَّة الحرِّ هو نَفَسٌ من جهنَّم، يأذنُ الله تعالى بفتحه، فيحدث هذا الوهج الحار؛ فقد روى البخاري (٥٣٧) من حديث أبي هريرة؛ أنَّ النَّبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "اشتكَتِ النَّار إلى ربِّها، فقالت: يا ربِّ أَكَلَ بَعْضِي بعْضًا، فأذِنَ لي بنفسين: نفسٌ في الشتاء، ونفسٌ في الصيف، فهو أشدُّ ما تجدون من الحرِّ، وأشدُّ ما تجدون من الزمهرير".

قال القاضي عياض والنووي: لا مانع من حمل الحديث على ظاهره، من شكاية النَّار إلى ربِّها حقيقةً؛ فإنَّه ما من شي إلاَّ يسبِّح بحمده، ولكن لا تفقهون تسبيحهم.

قال مُحَرِّره: وهذا لا يخالف الظواهر الكونية، فالكلُّ بأمر الله تعالى وبعلمه.

قال شيخنا عبد الرحمن الناصر السعدي -رحمه الله تعالى- عند كلامه على هذا الحديث: ولا منافاة بين هذا وبين الأسباب المحسوسة؛ فإنَّها كلَّها من أسباب الحر والبرد، فيجب على المسلم أنْ يثبت الأسباب الغيبية الَّتي ذكرها الشَّارع، ويؤمن بها، ويثبت الأسباب المشاهدة المحسوسة، فمن كذَّب أحدهما، فقد أخطأ.

٤ - قال ابن حجر في الفتح ما خلاصته: الأمر بالإبراد أمرُ استحباب، وقيل: أمر إرشاد، وقيل: بل هو للوجوب؛ حكاه عياض وغيره.

وغفل الكرماني، فنقَلَ الإجماعَ على عدم الوجوب، نعم قال جمهور أهل العلم: يستحبُّ التأخير في شدَّة الحر إلى أن يبرد الوقت، وذلك في البلاد الحارَّة.

***

<<  <  ج: ص:  >  >>