٣ - النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم- قدَّمَ المصلحةَ العامَّةَ على المصلحة الخاصَّة؛ فعبد الله بن زيد له حقٌّ في الأذان، وقيامه به مصلحةٌ خاصَّةٌ به، وقيامُ بلال به مصلحةٌ عامَّة لِحُسْنِ صوتِهِ ونداوته، فقدَّمها، ولهذا قال -عليه الصلاة والسلام- لعبد الله ابن زيد:"قم مع بلال، فَأَلْقِ عليه ما رأيتَ فليؤذِّنْ به؛ فإنَّه أندى منك صوتًا" [رواه الترمذي (١٨٩)]، ففي هذا تقديمُ المصلحة العامة على المصلحة الخاصَّة، وأنَّه من السياسةِ الشرعيَّةِ الحكيمة.
٤ - جوازُ أنْ يقومَ بالأذان واحدٌ، ويقومَ بالإقامة آخَر، وهو مذهبُ الجمهور، كما تقدَّم.
٥ - حرص الصحابة -رضي الله عنهم- على فعل الخير، وتسابقهم إليه؛ فهم أوَّل من تناله هذا الآية: {أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ (٦١)} [المؤمنون].
٦ - فضلُ الأذانِ، وتنافُسُ الصحابة بالحصول على القيامِ به؛ فقد جاء في البخاري (٦١٥)، ومسلم (٤٣٧) أنَّ النَّبي -صلى الله عليه وسلم- قَالَ:"لوْ يَعْلَمُ النَّاسُ ما في النِّداء والصف الأوَّل، ثمَّ لا يجدوا إلاَّ أنْ يَسْتَهِمُوا عليه، لاَسْتَهَمُوا عليه".
٧ - فيه مراعاةُ المصالح الخاصَّة إذا لم تُخِلَّ بالمصالح العامة؛ فإنَّ النَّبي -صلى الله عليه وسلم- أَذِنَ له في الإقامة رعايةً لحقِّه، وقيامُهُ بها لا يُخِلُّ بمقصودِ الإقامة، فما هي إلاَّ إعلامٌ للحاضرين بقيامِ الصَّلاة، فلا تحتاجُ إلى صوتٍ عالٍ كالأذان.