٣ - أمَّا مشاهدُ الكعبة، فقال العلماء في حكمه: وفرضُ مَنْ عايَنَ الكعبةَ إصابةُ عينها، بحيثُ لا يخرُجُ شيءٌ منه عن الكعبة، قال في الإنصاف: بلا نزاع، وذلك كمَنْ في المسجد الحرام، أو كان خارجَهُ، وينظُرُ إليها.
٤ - قال ابن القيِّم: الصوابُ: أنَّه مع كثرة البعد يكثُرُ المحاذي للعين؛ فإنَّ الدائرة إذا عظصت اتسعَتْ جدًّا؛ فإنَّ التقوُّس لا يظهر في جوانب محيطها، إلاَّ خفيفًا، فيكون الخط الطويل متقوِّسًا نحو نظره، وهذا لا يظهر للحس.
٥ - ما ذكره الإمام ابن القيم مبنيٌّ على نظرية هندسية هي:"محيط الدائرة يتناسب تناسبًا طرديًّا، مع نصف القطر" يعني: أنَّه كلَّما بعدت المسافة عن الكعبة، زاد عدد المصلِّين القاصدين نفس جهة القبلة "الكعبة".
٦ - استقبالُ القبلة شرطٌ لصحة الصلاة؛ فقد قال تعالى:{فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ}[البقرة: ١٤٤]، لكن الاستقبال يسقط بأمورٍ، منها:
أوَّلاً: العجز: إذا عَجَزَ عن استقبال القبلة لمرضٍ أو ربطٍ، فيسقط عنه، ويصلِّي حيث توجَّه؛ لقوله تعالى:{فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}[التغابن: ١٦]، ومثل المريضِ والمربوطِ مَنْ كان في الطائرة، ولا يجدُ مكانًا يصلِّي فيه إلاَّ كرسيَّه المتَّجه إلى غير القبلة، صلَّى حيث اتجاهه.
ثانيًا: الخائف: فإذا قاتَلَ العدوَّ أو هرَبَ منه أو من سيل أو غير ذلك، ووجهتُهُ إلى غير القبلة، صلَّى حسب ما توجه؛ لقوله تعالى:{فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا}[البقرة: ٢٣٩]، والخائف سواءٌ أكان راجلاً أو راكبًا، سيتوجَّه حيث مأمنه.
ثالثًا: النَّافلة في السفر: فإذا كان الإنسان سائرًا راجلاً أو راكبًا، فإنَّه يصلِّي حيث توجَّه؛ لحديث عامر بن ربيعة قال: "رأيت النبَّي -صلى الله عليه وسلم- يصلِّي على