٣ - ظاهر الحديث أنَّ الإمام يتحمل سهو المأموم مطلقًا؛ سواء دخل المأموم معه من أول الصلاة، أو فاته شيء منها.
والمشهور في مذهب الإمام أحمد: أنَّ المأموم إذا لم يدرك الصلاة كلها مع الإمام، فإنَّ إمامه لا يتحمل عنه سجود سهوه مع إمامه، أو سهوه فيما انفرد به من بقية الصلاة؛ لأنَّه يعتبر منفردًا في صلاته عن الإمام فيما يقضيه، ولأنَّ سجود السهو قبل السلام، وهو في ذلك الوقت يصلي منفردًا.
٤ - هذه الصورة من فوائد إدراك الجماعة مع الإمام، ومن تلك الفوائد أنَّ صلاة بعضهم تحمل صلاة البعض الآخر، بالدعاء وشمول المغفرة، والقبول، وغير ذلك.
٥ - وفيه بيان أهمية مقام الإمام ومرتبته، وأنَّها لا تجوز مخالفته والاختلاف عليه، ولذا فإنَّ كثيرًا من الأعمال الواجبة يتركها المأموم؛ مراعاة لإمامه والاقتداء، فلينتبه الذين أولعوا بمسابقة الإمام، وعدم التقيد بمتابعته؛ فإنَّهم لا وحدهم صلوا، ولا بإمامهم اقتدوا، والله الهادي إلى سواء السبيل.
٦ - في هذا تنبيه من الإمامة الصغرى على الإمامة الكبرى، وهي الولاية العامة من تحريم الاختلاف على ولاة الأمور وعصيانهم وشقاقهم، والخروج عليهم، ومخالفة أوامرهم بالمعروف، فقد قال تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ}[النساء: ٥٩] وقد جاء في البخاري (٧٠٥٣) ومسلم (١٨٤٩) عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:"من كرِهَ من أميرهِ شيئًا، فليصبر؛ فإنَّه ليس أحد من الناس خرج من السلطان شبرًا، فمات عليه، إلاَّ ماتَ ميتة جاهلية". والأحاديث في الباب كثيرة.