سل واطلب مني حاجة أقضيها لك، وإذا بنفسى الرجل كبيرة عالية، فقال: أسألك مرافقتك في الجنة، فقال له -صلى الله عليه وسلم-: أو غير ذلك، من حاجة أخرى غير هذه؟ فقال: هو ذاك، يعني: ليس لي حاجة إلاَّ هذه الحاجة، فأجابه -صلى الله عليه وسلم- إلى ما طلب، ولكنه قال: أعنِّي على نفسك؛ أي: ساعدني على قضاء هذه الحاجة الكبيرة، ونيل هذا المرام العظيم بكثرة الصلاة، فإنَّها سبب لعلو الدرجات في الجنة، فإنَّ الله تعالى لما ذكر المحافظين على الصلاة، قال: {الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (١١)} [المؤمنون].
٢ - المراد من السجود: هو الصلاة؛ فإنَّ الشيء يسمى ببعضه، لاسيما إذا كان بعض الشيء أهم ما فيه، فالسجود أهم ما في الصلاة؛ لما فيه من كمال الخضوع، والاستكانة لله تعالى، والقُرب منه.
٣ - المراد بالصلاة هنا: نوافلها؛ لأنَّها التي يمكن تكثيرها، فدلَّ على أنَّ نوافل الصلوات من أعظم الطاعات، وأنها سبب قوي لنيل أعلى درجات الجنان.
٤ - التطوع في الصلاة على أربعة أقسام:
(أ) تطوع مطلق لا يتقيد بسبب، ولا بوقت، ولا بفرض.
(ب) تطوع مقيد بالوقت؛ كالوتر، وصلاة الضحى.
(ج) تطوع مقيد بفرض؛ كرواتب الصلوات الخمس.
(د) تطوع مقيد بسبب؛ كتحية المسجد، وركعتي الوضوء.
٥ - فيه دليل على سمو نفس ربيعة -رضي الله عنه- وإلى شرف مطلبه، وعلو همته على الدنيا وشهواتها؛ فإنَّ نفسه توَّاقة إلى أعلى المراتب.
٦ - فيه دليل على هذا الخُلقُ العظيم للنبي -صلى الله عليه وسلم-، فإنَّ خدمته شرف، وإنها لأجر عظيم يعود على الخادم بالخير والبركة، ومع هذا فإنه أحب أن يكافىء من يخدمه، ولم يقل: إنَّ حقًّا عليكم أن تخدموني.
٧ - فيه بيان أنَّ السجود في الصلاة هو أفضل أفعالها، وهو موطن خلاف بين