{قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ (١)} في الركعة الأولى، و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (١)} في الركعة الثانية.
٥ - قال ابن القيم: كان -صلى الله عليه وسلم- يصلي سنة الفجر بسورتي "الإخلاص"، و"الكافرون" وهما الجامعتان لتوحيد العلم والعمل، وتوحيد المعرفة والإرادة، وتوحيد الاعتقاد والقصد، فسورة "الإخلاص" متضمنة لتوحيد الاعتقاد والمعرفة، وما يجب إثباته للرب من الأحدية المنافية لمطلق المشاركة، والصمدية المثبتة لجميع صفات الكمال، ونفي الولد والوالد، ونفي الكفء المتضمن لنفي التشبيه والتمثيل والتنظير، فتضمنت هذه السورة إثبات كل كمال له، ونفي كل نقص عنه.
وهذه الأصول هي مجامع التوحيد العلمي الاعتقادي، فأخلصت: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (١)} قارئها المؤمن بها من الشرك العلمي.
أما {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ (١)}: فأخلصت قارئها من الشرك العملي، الإرادي القصدي، ولما كان العلم قبل العمل، كانت: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (١)} تعدل ثلث القرآن، والأحاديث في ذلك تبلغ حد التواتر، ولما كان الشرك العملي الإرادي أغلب على النفوس؛ لأجل متابعتها هواها، وكثير منها ترتكبه مع علمها بمضرته وبطلانه؛ لما لها فيه من حظ في نيل أغراضها، جاء في التأكيد والتكرار في سورة "الكافرون"، المتضمنة لإزالة الشرك العملي مما لم يجيء مثله في: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (١)}.
٦ - لما كان لهاتين السورتين العظيمتين من الأهمية، وما جمعتاه من العلم والعمل، وتوحيد المعرفة والإرادة -كان -صلى الله عليه وسلم- يقرأ بهما في ركعتي الفجر، وفي الوتر، اللَّتين هما فاتحة العمل وخاتمته؛ ليكون مبتدأ النهار توحيدًا، وخاتمة الليل توحيدًا.
٧ - جاء في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة: "أنَّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- قرأ الآيتين في